دليل من قال: إنها حد؛ أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قدَّرها بثمانين، وأن أبا بكر ضرب في عهده أربعين (٧). وأبو بكر وعمر لهما سُنَّة متبعة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ مِنْ بَعْدِي»(١٧).
وأبو بكر وعمر في قمة الخلفاء الراشدين المهديين من بعد الرسول صلى الله عليه وسلم، وعلى هذا فيكون لهما سُنَّة متبعة واجبة الاتباع بنص الحديث عن الرسول عليه الصلاة والسلام، ولكن هل هي أربعون أو ثمانون أو أربعون وجوبًا، وما بين الأربعين إلى الثمانين راجع إلى نظر الإمام إن أكثر الناس منها بلغ الثمانين، وإن أقلوا لم يتجاوز أربعين؟
في هذا أيضًا خلاف، ولكن الصحيح أنها ليست بحد، وأنها عقوبة تعزير، لكنها واجبة ولا تنقص عن أربعين، وهذا هو ظاهِر كلام ابن القيم رحمه الله في إعلام الموقعين؛ أنها ليست بحد، وهو ظاهر، ووجهه أن النبي صلى الله عليه وسلم قد وقعت هذه المسألة في عهده ولم يحد فيها حدًّا، ومعلوم أن سنة الخلفاء الراشدين تابعة لسنة الرسول عليه الصلاة والسلام لا مستقلة، فإذا ورد في السنة ما ظاهره خلافها فإنه يُؤخذ بماذا؟ بما جاءت به السُّنَّة، والنبي عليه الصلاة والسلام لم يحده كما ثبت ذلك في صحيح البخاري (١٨) من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وكما أجمع الصحابة عليه ..
ثَمانونَ جَلْدَةً معَ الْحُرِّيَّةِ , وأربعون مع الرِّقِّ.
[باب التعزير]
وهو التأديبُ، وهو واجبٌ في كلِّ مَعصيةٍ لا حَدَّ فيها ولا كَفَّارةَ: كاستمتاعٍ لا حَدَّ فيه، وسَرِقَةٍ لا قَطْعَ فيها، وجِنايةٍ لا قَوَدَ فيها، وإتيانِ المرأةِ المرأةَ، والقذْفِ بغيرِ الزنا ونحوِه، ولا يُزادُ في التعزيرِ على عَشْرِ جَلَدَاتٍ، ومن اسْتَمْنَى بيدِه من غيرِ حاجةٍ عُزِّرَ.