الشرط الثالث:(عالِمًا أن كثيره يُسكر) فهمنا من هذا أنه يُشترط أن يعلم أنه خمر، وأن يعلم أن كثيره يُسكر، فإن لم يعلم أنه خمر؛ يعني ظن أنه شراب من سائر المشروبات، ثم لما شربه سكر فليس عليه حد، لماذا؟ لأنه جاهل، جاهل بالحكم ولَّا بالحال؟
طلبة: بالحال.
الشيخ: بالحال، ما علم أن هذا مسكر، كذلك لو علم أنه مسكر؛ يعني معناه أنه عصير مثلًا، لكن لم يظن أن كثيرَهُ يُسكر، ما ظن أن كثيره يسكر فإنه لا يُحدُّ؛ لأنه يُشترط أن يعلم أن كثيره يسكر. طيب فإن علم أن قليله يسكر؟ يُحدُّ من باب أوْلى، طيب ويُشترط أن يكون عالِمًا بالتحريم؟
طلبة: لا يشترط.
الشيخ: نسيتم الشروط العامة، يُشترط أن يكون عالِمًا بالتحريم، يُشترط أن يكون بالغًا، وعاقلًا.
وظاهر قول المؤلف:(فعليه الحد) أنه سواء سكر منه أم لم يسكر، إذا علم أن كثيره يسكر فشرب، وإن لم يسكر فعليه الحد؛ لأنه مُحرَّم والنصوص عامة في التحريم، وعامة في وجوب عقوبته:«إِذَا شَرِبَ فَاجْلِدُوهُ، ثُمَّ إِنْ شَرِبَ فَاجْلِدُوهُ، ثُمَّ إِنْ شَرِبَ فَاجْلِدُوهُ»(١٦). وليس فيها اشتراط أن يسكر، فإذا شربه وكثيره يسكر، وإن لم يسكر هو من القليل فعليه الحد.
وعُلم من قول المؤلف:(فعليه الحد) أن عقوبة شارب المسكر حد، والحد سبق لنا تعريفه أنه عقوبة مقدرة شرعًا في معصية، وهذا هو المشهور من مذهب الإمام أحمد رحمه الله، بل المشهور من المذاهب الأربعة؛ أن عقوبة شارب الخمر حد، ولكن اختلفوا في مقداره، وسيأتي، وقيل: إن عقوبة شارب الخمر ليست بحد، وإنما هي تعزير، لكن لا يقل عن أربعين، فما هو الدليل على أنها حد، أو على أنها ليس بحد؟