للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنت طالق إلى السنة؟ يقول المؤلف: (طلقت بانسلاخ ذي الحجة)؛ لأن إلى السنة (أل) هنا للعهد، العهد أي العهد؟ الحضوري؛ فمثلًا إذا قال في رمضان لزوجته: أنت طالق إلى سنة، متى تطلق؟ في رمضان الثاني.

إذا قال: أنت طالق إلى السنة، طلقت إذا انسلخ ذو الحجة، يعني: بعد ثلاثة أشهر، والفرق ظاهر؛ لأن سنة مُنَكَّر، والسنة معرف و (أل) فيه للعهد الحضوري، فيحمل على ذلك.

***

[باب تعليق الطلاق بالشروط]

ثم قال المؤلف: (باب تعليق الطلاق بالشروط).

أولًا: تعليق الطلاق بالشروط هل هو معتبر أو لاغ؟

يقول بعض العلماء: إنه لاغ، وأن الطلاق المعلق بالشرط واقع في الحال، وعللوا ذلك بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» (٥)، ولم يأت الطلاق معلقًا لا في القرآن ولا في السنة، وعلى هذا فإذا عَلَّقَه وقع في الحال وأُلْغِي الشرط، ويكون الشرط هو الفاسد دون الطلاق.

ولو قال قائل بعكس ذلك؛ لأنه لا يقع أبدًا بناء على الاستدلال بالحديث: «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ»، لو قال أحد بهذا لكان له وجه.

والفرق بين القول الثاني هذا والقول الذي أشرنا إليه أن القول الأول يُلغِي الشرط فقط، وهذا يلغي الجملة كلها، وكلاهما يستدل بحديث: «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» (٥).

لكن أكثر العلماء يرون أن تعليق الطلاق بالشروط صحيح؛ لعموم الحديث: «الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ، إِلَّا شَرْطًا أَحَلَّ حَرَامًا أَوْ حَرَّمَ حَلَالًا» (٦)، وهذا وإن كان فيه شيء من الضعف لكنه فيما يظهر مجمع على معناه في الجملة، وهذا القول هو قول الجمهور، وهو الصحيح؛ أن تعليق الطلاق بالشروط صحيح ثابت؛ لأن الطلاق في الحقيقة إخراج الزوج ملكه للمرأة، وإذا كان إخراجًا لملكه في المرأة وجب أن يكون مقيدًا بما التزم به، وهو الشرط.

<<  <  ج: ص:  >  >>