للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكنَّ هذا اجتهاد فاسد؛ لأنه مقابل للنص، ولأن المقصود بالكفَّارة ليس هو تعذيب الإنسان، بل تطهير الإنسان، وتطهيره بالإعتاق الذي أخبر النبي عليه الصلاة والسلام: «أَنَّ مَنْ أَعْتَقَ عَبْدًا فَإِنَّ اللَّه يُعْتِقُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهُ عُضْوًا مِنَ النَّارِ» (١) فهو فَكاك من النار، فيكون أفضل وأعظم، والمقصود بالكفارات هو التهذيب، وإن كان فيها شيء من التأديب لكن أهم شيء هو التهذيب وتطهير المرء، فالحاصل أنك إذا تأملت الشريعة الإسلامية والتكاليف الإلهية وجدتها في غاية الحكمة والمطابَقة والامتحان والاختبار.

[وجوب الصيام برؤية الهلال]

يقول المؤلف رحمه الله: (يجب صومُ رمضان برؤية هلاله) وهذه الجملة لا يريد بها بيان وجوب الصوم؛ لأنه مما عُلِمَ بالضرورة، ولكنه يريد أن يُبَيِّن متى يجب، فذكر أنه يجب بواحد من أمرين:

الأول: رؤية الهلال؛ قال: (بِرُؤْيَةِ هِلَالِهِ) وسيأتي بيان مَنْ تثبت به رؤية هلال رمضان.

وقوله: (بِرُؤْيَةِ هِلالِهِ) مستفاد من قوله صلى عليه وآله وسلم: «إِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَصُومُوا» (٢)، بل من قوله تعالى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة: ١٨٥] أي: من القرآن والسُّنَّة؛ فمن القرآن في قوله: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}، ومن السُّنَّة في قوله: «إِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَصُومُوا وَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَأَفْطِرُوا»، وعُلِم منه أنه لا يجب الصوم بمقتضى الحساب، فلو قرر علماء الحساب المتابعون لمنازل القمر أن الليلة من رمضان، ولكنه لم يُرَ فإنه لا يصام، فلا عمدة على الحساب؛ لأن الشرع علَّق هذا الحكم بأمر محسوس وهو الرؤية.

<<  <  ج: ص:  >  >>