ولكن الصواب هو القول الثاني في المذهب في هذه المسألة، وهو أن الحلف سواء بالله أو صفته، أو بصيغةٍ حكمُها حكم اليمين، فإن الإيلاء يثبت، والدليل لذلك أن الله تعالى قال:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ}، إلى أن قال:{قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ}[التحريم: ١، ٢]، والأحاديث الواردة في هذا أن الرسول آلَى من نسائه شهرًا (٧)، إذا قلنا: إنه حَرَّم نساءه، أما إذا قلنا بأنه حَرَّم العسل كما هو الراجح، فإن الآية تدل على أن التحريم يمين من وجه آخر.
والحاصل أن الصواب في هذه المسألة أن كل ما له حُكْم اليمين فإنه يحصل به الإيلاء، فإذا قال: لله عليَّ نذر ألَّا أجامع زوجتي فهو إيلاء؛ لأن الله سمَّى التحريم يمينًا.
(أكثرَ من أربعةِ أشهرٍ)، وظاهر كلام المؤلف أنه لو آلَى ألَّا يطأها لمدة أربعة أشهر فليس بإيلاء، أو لمدة ثلاثة أشهر فليس بإيلاء، والصواب أنه إيلاء؛ لأن الله قال:{لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ}[البقرة: ٢٢٦]، فأثبت الله الإيلاء، لكن جعل المدة التي يُنْظَرون فيها أربعة أشهر، فإذا قال: والله لا أجامِع زوجتي ثلاثة أشهر، فإن هذا مُؤْلٍ؛ لأنه حلف ألَّا يجامعها، ولكننا ما نقول له شيئًا الآن؛ لأنه إذا تمت المدة انحلَّت اليمين، إذا تمت ثلاثة أشهر؛ رجل قال لزوجته: والله لا أجامعك لمدة ثلاثة أشهر، فهنا نقول: هو مُؤْلٍ لكن لا نلزمه بحكم الإيلاء، بل ننظر حتى تنتهي ثلاثة الأشهر، إذا انتهت زال حكم اليمين.
***
[من يصح منه الإيلاء]
(ويصح من كافر، وَقِنٍّ، وَمُمَيِّزٍ، وغضبانَ، وسكرانَ، ومريضٍ مَرْجُوٍّ بُرْؤُه، وممن لم يَدْخُل بها).