هناك فرق بين أمرك بيدك واختاري نفسك، إذا قال: اختاري نفسك فإنه لا بد أن ترد في نفس المجلس ولا تملك أكثر من واحدة، إلا إذا قال: اختاري نفسك اليوم أو غدًا، فيمتد الاختيار، أو قال: اختاري نفسك ولو بثلاث، فلها أن تختار بثلاث.
وحينئذٍ يُفَرَّق بين قوله: اختاري نفسك وبين قوله: أمرك بيدك، أمرك بيدك أوسع، لا تقتصر على واحدة ولا على المجلس، بل متى شاءت فعلت، وأما اختاري نفسك فإنه يختص بواحدة وبالمجلس المتصل.
وقوله:(ما لم يَزِدْها) أي: يزد امرأته، (فيهما) الضمير في قوله: (فيهما) يعود على قوله: (واحدة) وعلى قوله: (في المجلس المتصل)، فإن زادها على واحدة فعلى ما زاد، وإن زادها في المجلس بأن قال: اختاري نفسك اليوم أو غدًا أو متى شئت فعلى ما قال.
(فإن رَدَّتْ أو وَطِئَ أو طَلَّقَ أو فسخَ بَطَلَ خيارُها) عندي أنا: (بطل خيارها).
طالب: إي نعم.
الشيخ: هذه النسخة الصحيحة.
(إن ردت) يعني: لما قال لها: اختاري نفسك، قالت: لا أختار، فحينئذٍ يبطل اختيارها، لماذا؟ لأنها ردت، كالوكيل إذا وُكِّل ثم لم يقبل الوكالة.
(أو وَطِئَ أو طَلَّقَ أو فسخَ)، نقول في (وَطِئَ وطَلَّقَ وفسخَ) ما قلنا في المسألة التي قبلها؛ لأن وطأه وتطليقه وفسخه يدل على أنه عدل عن توكيلها.
***
[باب ما يختلف به عدد الطلاق]
ثم قال المؤلف رحمه الله تعالى:(باب ما يَختلفُ به عددُ الطَّلاق).
كان الناس في الجاهلية يطلق الإنسان ما شاء، وكان في ذلك ضرر كبير على النساء؛ لأن الواحد منهم يطلق المرأة، فإذا شارفت على انقضاء العدة راجعها، إذا راجعها صارت زوجة، فإذا صارت زوجة طلقها ثانية، إذا طلقها استأنفت العدة، فإذا شارفت العدة الثانية راجعها، ثم طلقها فاستأنفت العدة، فإذا شارفت العدة الثالثة راجعها ثم طلقها فاستأنفت العدة. كم من عدة الآن؟ أربعة وخمس وست، تبقى المسكينة لا مزوجة ولا مطلقة، فجعل الله سبحانه وتعالى الأمر راجعًا إلى ثلاثة.