للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد جاء في هذا حديث مرفوع (١٨)، إلا أن هذا الحديث في إسناده نظر؛ لأن فيه راويًا مجهولًا؛ ولهذا قال بعض العلماء: إن المرأة تكفن بما يكفن به الرجل؛ أي: في ثلاثة أثواب يلف بعضها على بعض.

وهذا القول إذا لم يصح الحديث هو الأصح؛ لأن الأصل تساوي الرجال والنساء في الأحكام الشرعية، إلا ما دلَّ الدليل عليه، فما دلَّ الدليل على اختصاص أحدهما بالحكم فعلى ما دلَّ عليه الدليل، وإلا فالأصل أنهما سواء.

وعلى هذا فنقول: إن ثبت الحديث بتكفين المرأة في هذه الأثواب الخمسة فعلى العين والرأس، وإن لم يثبت فالأصل تساوي الرجال والنساء في جميع الأحكام، إلا ما دلَّ عليه الدليل.

ثم قال المؤلف رحمه الله تعالى: (والواجب ثوب يستر جميع الميت) الواجب في الكفن ثوب يستر جميع الميت ثوب واحد، وقول المؤلف: (يستر جميع الميت) يدل على أنه لا بد أن يكون هذا الثوب صفيقًا بحيث لا ترى من ورائه البشرة، فإن رئيت من ورائه البشرة فإنه لا يكفي.

والدليل على أن هذا واجبٌ أن الصحابة الذين قصرت بهم ثيابهم عن الكفن أمر النبي عليه الصلاة والسلام أن يجعل الكفن من نحو الرأس، ويجعل على الرجلين شيء من الإذخر (١٩)، الإذخر نبات معروف.

فإذا لم يوجد شيء؛ مثل أن يكون الرجل قد احترق بثيابه ولم يوجد ثياب يكفن بها فإنه يكفن بحشيش أو نحوه يوضع على بدنه ويلف عليه حزائم، فإن لم يوجد شيء فإنه يدفن على ما هو عليه، كل هذا مأخوذ من عموم قول الله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: ١٦].

***

[الصلاة على الميت]

ثم قال المؤلف: (فصل: السنة أن يقوم الإمام عند صدره وعند وسطها) لم يفصح المؤلف في هذا الفصل بحكم الصلاة على الميت؛ لأنه ذكرها في أول الفصل في قوله: (غسلُ الميتِ وتكفينُه والصلاةُ عليه ودفنُه فرضُ كفايةٍ).

<<  <  ج: ص:  >  >>