ولكن ينبغي أن يقال: ما لم يخالف ذلك العرف، فإن خالف العرف رجعنا إلى ما تقتضيه الوصية، ومن المعلوم أن من عنده عشرة ملايين، وأوصى لشخص بشيء أنه لا يريد ريالًا من عشرة ملايين، هذا بعيد جدًّا؛ لأن الموصِي قصده نفع الموصَى له وإعطاؤه من هذا المال، ومثل هذا لا يرضى أن يُعطَى إياه، فيُرجع في ذلك -على القول الراجح- إلى ما يقتضيه العُرف، ولا يعطيه الوارث ما شاء بل ما يقتضيه العرف.
وكذلك أيضًا إذا قال: بجزء من ماله، وعنده عشرة ملايين، أعطاه الوارث هلَلة جزءًا من المال ولَّا لا؟ جزءًا من مال، هل يمكن أن يُقال: إن هذه الهللة أراد الموصِي أن يُعطى إياها الموصَى له وعنده عشرة ملايين؟ لا يمكن.
أعطاه الورثة غُترة النوم، أوصى له بشيء من ماله، فقال أهله: مرحبًا، عنده عشرة ملايين، فأخذوا غُتْرة النوم التي يتغلل بها إذا نام، وقالوا: تفضل، يجزئ أو لا؟ على كلام المؤلف يجزئ؛ لأن هذه مال تُورَث وتُباع في التركة فيُجزئ لكن هذا -كما ترون- لا يمكن أن يُقال به، حتى عامة الناس يرون أن هذا منتَقد، وأن الموصِي لم يُرِد ذلك.
(أو حظ)، حظ قال: أو أوصي لفلان بحظ من مالي، وأعطاه هللة، وعنده ملايين، يسعى على كلام المؤلف، هل يعقل يقال: حظ من مالي؟ كل يفهم أن المراد حظ مهم.
فعلى كل حال مثل هذه المسائل يُرجع فيها إلى العُرف لا إلى مطلق المعنى؛ لأن الناس لهم أعراف ولهم إرادات تخصص العام، أو تُعمِّم الخاص، أو تُطلق المقيَّد، أو ما أشبه ذلك.
[باب الموصى إليه]
ثم قال:(باب الموصى إليه) الموصى إليه ليس ركنًا من أركان الوصية؛ لأن أركان الوصية كم؟ مُوصٍ وموصًى له، ومُوصًى به، والصيغة قد نقول: هي من أركانه، ولكن الموصى إليه ما هو شرط، الموصَى إليه هو الذي أُمر بالتصرف بعد الموت، هذا الموصَى إليه، وهو بمنزلة الوكيل للأحياء، وله شروط.