فقال:(تصح وصية المسلم إلى كل مسلم)، انظر الآن الموصِي مُسلم، وإذا كان مسلمًا فلا بد أن يكون الموصَى إليه مُسلمًا مُكلفًا؛ يعني بالغًا عاقلًا، عدلًا يعني مستقيم الدين والخلق، رشيدًا، يعني حسن التصرف فيما أُوصِي إليه به.
وصية الكافر تصح للكافر؟ وصية الكافر إلى الكافر؟ تصح، فلو أوصى يهودي إلى يهودي لينفذ بعد موته ما وصاه به، فلا بأس، إنما الشروط هذه الموصَى إليه، إذا كان الموصِي مُسلمًا.
قوله:(إلى كل مسلم) يخرج به الكافر، فلا تصح وصية المسلم إلى الكافر ولو كان الكافر أمينًا، ولو كان الكافر عاقلًا، ولو كان صديقًا للموصِي؛ لأن هؤلاء قد خانوا الله من قبل، وإذا كانوا خانوا الله فإنهم يخونون عباد الله من باب أولى.
ولهذا لما كتب أبو موسى الأشعري إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه في أن يولي نصرانيًّا في حساب بيت المال أَبَى عليه عمر، قال: لا يمكن نأتمن نصرانيًّا على حساب بيت المال، وكيف نأمنهم وقد خوَّنهم الله؟ ! فكتب إليه أبو موسى: أن الرجل حاذق وجيد. كتب إليه: مات النصراني، والسلام (١).
هذه لها مغزى عظيم ما هو؟ يعني هل يتعطل بيت المال إذا مات هذا النصراني، قدِّر أنه مات، فبيت المال لا يتعطل.
إذن لا يصح أن يُوصِي إلى الكافر ولو كان من آمَن الكفار، ولو كان من أقواهم؛ لأنه غير مأمون مهما كان الأمر. هذا مسلم.
(مُكلَّف) يعني بالغًا عاقلًا، والبلوغ تعرفون بماذا يحصل؟ والعاقل هو أن يكون لدى الإنسان ما يحجزه عن السَّفَه والتصرفات الطائشة، ضده البالغ؟
طالب: الصغير.
الشيخ: الصغير ضد العاقل المجنون.
وهل يصح وصية الرجل إلى المرأة؟ لأن ظاهر كلامه مُكلَّف، امرأة بالغة عاقلة، أوصى إليها بثلث ماله تصرفه في الفقراء، أو في أي مشروع خيري، يجوز أو لا يجوز؟
طلبة: يجوز.
الشيخ: يجوز؛ لأنه يصح تصرفها في مال نفسها فيصح تصرفها في مال غيرها.