للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(رشيد) إي نعم. (عدل) العدل ضد الفاسق، وهو -أي العدل- من استقام في دينه ومروءته. في دينه بألا يفعل كبيرة إلا أن يتوب منها، وألا يصر على صغيرة، وأن يكون مؤديًا للفرائض؛ وذلك لأن من فرَّط في دينه فإنه لا يُؤمَن أن يُفرِّط في عمله.

فإن أوصى إلى فاسق، فالمذهب لا تصح الوصية إليه؛ لأنه غير مأمون، وقد قال الله تبارك وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} [الحجرات: ٦]، فالفاسق لا يُقبل خبره، ولا يُرضى تصرُّفه.

ولكن ينبغي أن يقال: إن هذا مبني على الشهادة، فإذا قبِلنا شهادة الفاسق المرضي في شهادته قبلنا الوصية إليه؛ لأنه قد يُوجد فاسق لكنه أمين من جهة المال.

ولنفرض أنه يشرب الدخان، شُرب الدخان إصرار على أيش؟

طلبة: على صغيرة.

الشيخ: على صغيرة، إذن هو فاسق، إذا كان هذا الشارب للدخان رجلًا عاقلًا حصيفًا أمينًا رشيدًا، نقول: لا تصح الوصية إليه؟ في هذا نظر لا شك؛ ولهذا نقول: إن اشتراط العدالة فيه تفصيل، فإن كانت العدالة تخدش في تصرفه فهي شرط، وإن كانت لا تخدش في تصرفه وأنه يتصرف تصرفًا تامًّا ليس به أي إشكال فإنها ليست بشرط. هذا الصحيح في مفهوم قوله: (عدل).

(رشيد)، الرشيد: هو الذي يُحسن التصرف فيما وُكِّل إليه؛ لقول الله تعالى في اليتامى: {إِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} [النساء: ٦]، فالرشد لا بد فيه، ولكن الرشد في كل موضع بحسبه؛ الرشيد في المال هو الذي يحسن البيع والشراء والاستئجار والتأجير بدون أن يُغبَن غبنًا أكثر مما جرت به العادة، هذا الرشيد.

<<  <  ج: ص:  >  >>