للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلك أيضًا روي عن بعض الصحابة فيمن ترك الحلق أو نحوه فعليه دم، وسبق البحث في هذا وقلنا: إن إلزام الناس بالدم من باب المصلحة العامة والتربية؛ لأنك لو قلت للناس: ترك الواجبات ليس فيه شيء، لتهاون الناس بها، ولذلك قل للحاج: عليك دم فتجده يعصر ويصفر، قل: ليس عليك إلا التوبة فيقول: سهلة، بس التوبة، الأمور سهلة، نعم، فلذلك كان من التربية وحمل الناس على القيام بالواجب أن يُلزموا بالدم، حتى وإن كان دليله ليس ظاهرًا يمطئن إليه القلب، ولكن من أجل المصلحة العامة يُفتَون بهذا. وإذا شئت أن تخلص نفسك فقل: قال العلماء: عليك دم، وتكون بهذا خلصت نفسك.

(أو سنة فلا شيء عليه) يعني من ترك سنة فلا شيء عليه، مثاله: لو ترك الاضطباع في طواف القدوم، عليه شيء؟ لا. من ترك الرمل في الأشواط الثلاثة الأولى، فلا شيء عليه. من ترك ركعتين خلف المقام فلا شيء عليه. من ترك المبيت في منى ليلة التاسع فلا شيء عليه.

احفظ الأركان والواجبات، والباقي سنن ليس فيها شيء، لكن حقيقةً ينبغي للإنسان أن يأتي بالأركان والواجبات والسنن؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» (١٥). وهو أسلم وأبرأ للذمة. وقد سبق لنا قاعدة تشير إلى ذلك، وهي أن أوامر الرسول عليه الصلاة والسلام ونواهيه لا ينبغي للإنسان أن يسأل: أواجبة هي أم محرمة، بل يفعل اقتداء بالرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم، لكن إذا تورط وخالف فحينئذ ينبغي أن يُبحث، بل يجب أن يُبحث، يُنظر هل تصح عبادته أو لا.

***

[باب الفوات والإحصار]

ثم قال المؤلف رحمه الله تعالى: (باب الفوات والإحصار) الفوات معناه: السبق على وجه لا يُدرَك، تقول: فاتني فلان، يعني سبقني فلم أدركه، وتقول: فاتني اليوم الفلاني يعني لم أعمل فيه ما أريد أو شبه ذلك، أما الإحصار فهو المنع، وهو أن يُمنَع الإنسان من إتمام نسكه.

<<  <  ج: ص:  >  >>