وأما الإحرام من الميقات فلأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وقَّت المواقيت وقال:«هُنَّ لَهُنَّ وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِنَّ»(١٣).
وأما الحلق فكما سمعتم دليله في الحج.
ثم عاد المؤلف ليبين أحكام هذه الأركان والواجبات والسنن، قال:(فمن ترك الإحرام لم يَنعقد نسكُه) لأن الإحرام نية، ولا يدخل في العبادة إلا بالنية. ومن نوى ولم يلبس ثياب الإحرام انعقد نسكه لأن الإحرام ليس بلباس الإحرام ولكنه النية؛ نية النسك.
(ومن ترك ركنًا غيره أو نيته لم يتم نسكه إلا به) ما هي الأركان غير الإحرام؟ الطواف والسعي والوقوف، من ترك واحدًا منها لم يتم نسكُه، وسيأتي إن شاء الله في باب الفوات والإحصار حكم ترك هذه الأركان.
وقوله:(أو نيته) لو قال: أو شرطه لكان أعم، فمثلًا إذا قلنا: من شرط الطواف أن يجعل البيت عن يساره، وطاف وجعل البيت عن يمينه، فقد طاف بالبيت لكن ترك شرطًا في الطواف، وهو أن يجعله عن يساره، كذلك لو طاف بغير طهارة على القول باشتراط الطهارة في الطواف، فقد طاف بالبيت لكن لا يصح طوافه بناء على اشتراط الطهارة في الطواف.
فلو قال رحمه الله: أو شرطه لكان أعم، تدخل فيه النية وغيرها مما يشترط.
(لم يتم نسكه إلا به) يعني لا بد أن يأتي به. وظاهر كلامه حتى لو كان ذلك للضرورة، لا بد أن يأتي به، فإن عجز عن ذلك فسيأتي إن شاء الله في باب الفوات والإحصار حكمه.
(لم يتم نسكه إلا به) والدم عرفتموه سابقًا أنه شاة أو سبع بدنة أو سبع بقرة. دليل هذا الأثر المروي عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: مَن تَرَكَ شَيْئًا مِنْ نُسُكِهِ أَوْ نَسِيَهُ فَلْيُهْرِقْ دَمًا (١٤). قالوا: وهذا حكم لا مجال للاجتهاد فيه، فيكون له حكم الرفع. يعني كأن النبي صلى الله عليه وسلم قاله.