الصورة الثانية تكون بالعكس، فقول المؤلف:(لهما أن يحيلا) يعني: أن هذا جائز، لكن هل يلزم لو أن -مثلًا- ياسرًا لما رد الكتاب على طلال قال له: أعطني، عد الدراهم ( ... )، أعطني دراهمي، قال: لا، اصبر، قال: حولني على عبد الله ( ... ).
***
من الطرفين، وأظن هذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية أن كل فسخ لا يتم إلا بالتراض من الطرفين إلا برضاهم، وبناءً على هذا القول الراجح نقول: إن طلالًا يُلزم؛ إما بالتسليم، وإما بالإحالة إذا قبل، إذا قبل مَنْ؟ ياسر أن يتحول، أما المذهب يقول:(لهما) ولم يقل: يلزمهما، قال:(لهما أن يحيلا)، والصواب أنه إذا طالب من له الحق بالتحويل أو التسليم فإنه يُلْزَم بذلك، وإلا لضاعت الحقوق.
طالب: وإن لم يستلم طلالٌ من عبد الله؟
الشيخ: أنه ما استلمها، المفروض ما يستلمها؛ لأنها إذا اسْتُلِمَت فإن المحال عليه برئ، الآن يعني لو أن طلالًا استلم الحوالة قبل أن يفسخ البيع ما فيه شك، ما نرجع على المحال عليه، المحال عليه برئت ذمته.
***
[باب الصلح]
ثم قال المؤلف:(باب الصلح) الصلح هو في اللغة: قطع النزاع، قطع النزاع يسمى صلحًا، وقد قال ربنا عز وجل في كتابه:{وَالصُّلْحُ خَيْرٌ}[النساء: ١٢٨]، وهذه عبارة شاملة عامة، الصلح في كل الأمور خير؛ لأنه يقطع العداوات والحزازات ونصل به إلى المقصود برضا الطرفين؛ ولهذا قال الله عز وجل:{لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ}[النساء: ١١٤]، وجاز شرعًا أن يكذب الإنسان من أجل الوصول إلى الصلح والمصالحة بين الناس، وحثَّ الشرع على الإصلاح بين الناس.