والحقيقيُّ: هو الذي لم يَغْلِبْ مَجازُه على حقيقتِه كاللحمِ، لو حَلَفَ لا يَأكلُ اللحمَ فأَكَلَ شَحْمًا أو مُخًّا أو كَبِدًا، ونحوَه لم يَحْنَثْ، وإن حَلَفَ لا يَأكُلُ أَدَمًا حَنِثَ بأَكْلِ البيضِ والتمرِ والْمِلحِ والخل والزيتونِ ونحوِه وكلِّ ما يُصْطَبَغُ به، ولا يَلبَسُ شيئًا فلَبِسَ ثوبًا أو دِرْعًا أو جَوْشَنًا أو نَعْلًا حَنِثَ، وإن حَلَفَ لا يُكَلِّمُ إنسانًا حَنِثَ بكلامِ كلِّ إنسانٍ، ولا يَفعلُ شيئًا فوَكَّلَ مَن فَعَلَه حَنِثَ، إلا أن يَنْوِيَ مُباشَرَتَه بنفسِه.
والعرفيُّ: ما اشْتَهَرَ مَجازُه فغَلَبَ الحقيقةَ كالراويةِ والغائطِ ونحوِهما، فتَتَعَلَّقُ اليمينُ بالعُرْفِ، فإذا حَلَفَ على وَطْءِ زوجتِه أو وَطْءِ دارٍ تَعَلَّقَتْ يمينُه بجِمَاعِها وبدخولِ الدارِ، وإن حَلَفَ لا يأكُلُ شَيْئًا فأَكَلَه مستَهْلَكًا في غيرِه كمَنْ حَلَفَ لا يأكلُ سَمْنًا فأَكَلَ خَبيصًا فيه سَمْنٌ لا يَظْهَرُ فيه طَعْمُه، أو لا يَأكُلُ بيضًا فأَكَلَ ناطفًا لم يَحْنَثْ، وإن ظَهَرَ طعمُ شيءٍ من المحلوفِ عليه حَنِثَ.
(فصلٌ)
وإن حَلَفَ لا يَفعلُ شيئًا ككلامِ زيدٍ ودخولِ دارٍ ونحوِه ففَعَلَه مُكْرَهًا لم يَحْنَثْ، وإن حَلَفَ على نفسِه أو غيرِه مِمَّن يَقْصِدُ مَنْعَه كالزوجةِ والولدِ , ألَّا يَفعلَ شيئًا ففَعلَه ناسيًا أو جاهلاً حَنِثَ , في الطلاقِ والعَتاقِ فقطْ، وعلى مَن لا يَمتنِعُ بيمينِه من سُلطانٍ وغيرِه ففَعَلَه حَنِثَ مُطْلَقًا، وإن فَعَلَ هو أو غيرُه ممن قَصَدَ مَنْعَه بعضَ ما حَلَفَ على كلِّه لم يَحْنَثْ ما لم تكنْ له نِيَّةٌ.
[باب النذر]
لا يَصِحُّ إلا مِن بالغٍ عاقلٍ ولو كافرًا، و (الصحيحُ) من خمسةِ أقسامٍ:
(المطلَقُ) مثلَ أن يَقولَ: " للهِ عليَّ نَذْرٌ " ولم يُسَمِّ شيئًا فيَلزَمُه كَفَّارَةُ يَمينٍ.