الثاني (نَذْرُ اللَّجاجِ والغضَبِ) وهو تَعليقُ نَذْرِه بشرْطٍ يَقْصِدُ الْمَنْعَ منه أو الْحَمْلَ عليه
أو باع مجهولًا في عدده أو كيفيته أو نوعه فإنه لا يحنث؛ لأن هذا وإن سُمِّي بيعًا في اللغة، لكنه في الشرع لا يسمى بيعًا، فلا يحنث.
يقول المؤلف:(وإن قيد يمينه بما يمنع الصحة؛ كأن حلف لا يبيع الخمر) إلى آخره، يعني: إذا حلف ألَّا يفعل شيئًا وقيَّده بلفظ يدل على الفساد فإنه يحنث وإن كان فاسدًا؛ مثل أن يقول: واللهِ لا أبيع الخمر، ثم باع، فهذا من الناحية الشرعية ليس ببيع؛ لأنه فاسد، لكن الرجل لم يأتِ به مطلقًا، بل قيَّده بأمر تنتفي معه الصحة؛ حيث قال: واللهِ لا أبيع الخمر، فإذا باعه حنث.
فإن قال قائل: كيف تُحَنِّثونه وهذا التصرف ليس ببيع شرعي؟
قلنا: إنه قيده بأمر معين، فبمجرد وجود ذلك الأمر المعين يحنث؛ ولهذا قال المؤلف:(حنث بصورة العقد)، شوف (بصورة)؛ لأن هذا عقد صوري، والمؤلف قيَّد يمينه بماذا؟ بأمر صوري؛ لأن قوله: واللهِ لا أبيع الخمر، كلمة (لا أبيع) لا يمكن أن توافق من الناحية الشرعية؛ لأن الخمر -شرعًا- لا يُبَاع، فنحمله إذا تعذر حمله على الحقيقة، والمعنى حملناه على الصورة، فنقول: بمجرد أن يبيع الخمر يحنث.
وبناءً عليه فالمثال الذي مثَّلنا آنفًا -وهو بيع الدخان- إذا قال: واللهِ لا أبيع الدخان فباعه فإنه يحنث، لا لأنه بيع، ولكن لأنه صورة ما حلف عليه.
لو قال: واللهِ لا أبيع بربًا، فذهب وباع بالربا، يحنث؟
الطلبة: يحنث.
الشيخ: يحنث، ليش؟ لأنه قيَّد اليمين بشيء يمنع الصحة، فيُحْمَل على الصورة.
أما لو قال: واللهِ لا أبيع، فباع دينارًا بدينارين فإنه لا يحنث؛ لأنه أطلق، والمطلق يُحْمَل على الشرعي الصحيح، واضح يا جماعة ولَّا لا؟