قوله:(آنية). لو قال قائل: ما شأن الآنية؟ الآنية تحفظ الخمر وغيرها، فهي تُستعمَل في الخمر وغيره؟
نقول: لأنه لما كان الخمر فيها ذهبت حُرمتها بذهاب حرمة ما فيها، فلا تُضمن.
وقوله:(غير محترمة) أفادنا -رحمه الله- أن الخمر المحترمة إذا كسر آنيتها فهو ضامن، فما هي الخمر المحترمة؟ هي خمر الذمي؛ الذمي الذي يعيش في بلاد المسلمين بالجزية خمره محترمة؛ بمعنى أنه لا يحل لنا أن نريق خمره التي يشربها، لكن بدون إعلان، لا يعلنها؛ ذمي في بيته يشرب الخمر، لا يجوز لنا أن ندخل بيته ونكسر أوانيه أو نريق خمره، لماذا؟ لأنه يعتقد حله، ولم يعلن به، فيكون محترمًا كاحترام دم الذمي وماله، والخمر عند الذمي مال يُباع ويُشترى.
طيب، المعاهَد والمستأمِن حكمهما حكم الذمي؛ لأن المعاهَد والمستأمن قد عاهدا المسلمين على ألا يتعدى عليهما أحد، لكن لو أن الذمي أظهر الخمر، وخرج إلينا بكؤوسه يشرب في أسواقنا فهنا انتقض عهده، ولم يكن له عهد، وخمره محترمة ولَّا غير محترمة؟
طلبة: غير محترمة.
الشيخ: غير محترمة، ذكروا أيضًا أن من المحترم من الخمر؛ خمر الخلال؛ الخلال الذي يبيع الخل، فيُخلِّل، وفي يومٍ من الأيام تخمَّر الخل؛ إما لشدة الحر أو لسببٍ آخر، قالوا: إن خمر الخلَّال مُحترَم؛ وعللوا ذلك بأنه لو كان غير محترم لزم على الخلال ضرر عظيم، هذا ماله فيتضرر بهذا. وهذه المسألة تحتاج إلى نظر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم سُئل عن الخمر تُتخذ خلًّا؛ قال: لا، وهذا الخلَّال سوف يحبس الخمر حتى تتخلل، وربما يخللها هو بنفسه، ففيما قاله الأصحاب في هذه المسألة نظر، فالله أعلم.
[باب الشفعة]
ثم قال المؤلف رحمه الله:(باب الشفعة) الشفعة مأخوذة من الشفع، وهو ضد الوتر. وسميت بذلك؛ لأن الشريك يضم نصيب شريكه إلى ملكه؛ فلذلك صار كجعل الوتر شفعًا.