للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهذه المسألة فيها خلاف، وظاهر السنة أن المحرَّم الأكل والشرب بها فقط دون بقية الاستعمالات ودون اتخاذها للزينة، اللهم إلا أن يكون هذا من باب السرف فيُنهى عن ذلك للإسراف لا لذاتها؛ ودليل هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لَا تَشْرَبُوا فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَلَا تَأْكُلُوا فِي صِحَافِهَا» (١٠). فلم يذكر إلا الأكل والشرب، ولو كان الأكل والشرب وغيرهما لقال: لا تستعملوا، ولو كان الاتخاذ بدون استعمال حرامًا لقال: لا تتخذوا، فلا يمكن أن يدع النبي صلى الله عليه وسلم ما هو أعم ويذكر ما هو أخص، وإذا كان كذلك فلا يُمكن أن نستدل بالأخص على الأعم؛ لأن الدليل لا بد أن يكون أعم من المدلول أو مساويًا له حتى يمكن الاستدلال، أما إذا كان الدليل أخص فالشارع قد وسع للأمة، ويدل لهذا أن أم سلمة، وهي ممن روى النهي عن آنية الذهب والفضة -بل الفضة خاصة- كان عندها جلجل من فضة؛ يعني مثلما نسميه نحن؟

طالب: قارورة.

الشيخ: قارورة أو طابوق، نعم، وابحثوا عن طابوق هل هو لغة عربية ولَّا لا؟ هي التي روت التحذير من الشرب في آنية الفضة كان عندها جلجل من فضة حفظت فيه شعراتٍ من شعر النبي صلى الله عليه وسلم، وكان الناس يستشفون بهذه الشعرات؛ إذا مرض مريض صبَّت في هذا الجلجل ماء ورجَّته بالشعرات واستشفى به الناس.

بناءً على هذا القول الذي هو ظاهِر السنة، نقول: لا يجوز كسر آنية الذهب والفضة إلا لمن يستعملها في الأكل والشرب؛ لأن أصل الجواز كسر آنية الذهب والفضة، وعدم ضمانها بالإتلاف؛ أنها محرمة الاستعمال.

ماذا نقول على القول الراجح في هذه المسألة (وآنية ذهبٍ وفضة) عند من يستعملهما في الأكل والشرب.

(وآنية خمرٍ غير محترمة) آنية الخمر إذا كسرها الإنسان فلا ضمان عليه؛ لأن فيها ما لا يضمن؛ وهو الخمر، فإن الخمر لا يُضمن حتى لو كان يساوي آلافًا، فأتلفه الإنسان، فلا ضمان عليه؛ لأنه لا قيمة له شرعًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>