لكن الرشيد في أمر آخر كولاية النكاح على القول بصحة الوصية فيها ليس الذي يحسن البيع والشراء هو الذي يعرف الكفء ومصالح النكاح، فكل رُشْد بحسبه، الرشيد في المال ليس الرشيد في ولاية النكاح، والرشيد في ولاية النكاح ليس الرشيد في المال، قد يكون الرجل رشيدًا في ولاية النكاح؛ لأنه رجل يعرف الناس ويعرف الكفء، ويخشى الله ويتقي الله، ولكنه في المال أخرق لا يعرف، يأتيه الصبي معه الدجاجة تساوي ريالين فيقول: يا عم، اشترِ الدجاجة. قال: بكم؟ قال: بعشرة ريالات. قال: هات. هذا رشيد في تصرف المال؟
طلبة:( ... ).
الشيخ: ليش؟ غُبِن؛ يعني خمسة أضعاف، لكنه من الناحية الأخرى جيد.
فنقول: إذن الرشيد في كل موضع بحسبه.
قال المؤلف:(ولو عبدًا ويقبل بإذن سيده). (ولو عبدًا)(لو) هذه إشارة خلاف؛ يعني أنها تصح الوصية إلى العبد لكن يُقبل بإذن سيده، وحينئذٍ يعني إذا قلنا بهذا القول يجب أن نقول: من شرط السيد أن يكون عدلًا رشيدًا بالغًا عاقلًا مُسلمًا.
إذن تصح الوصية إلى العبد، ويقبل بإذن سيده، ويشترط في سيده أن يكون ممن تصح الوصية إليه، يشترط في السيد أن يكون ممن تصح الوصية إليه.
وهذا الخلاف الذي أشار إليه المؤلف مقابِله مقابل ما أثبته رحمه الله من يقول: لا تصح الوصية إلى العبد مطلقًا؛ لأن العبد يحتاج إلى من يقوم عليه، فكيف يكون قيمًا على غيره؟ فالوصية للعبد لا تصح.
القول الثاني: التفصيل؛ الوصية إلى عبد نفسه جائزة، والوصية إلى عبد غيره غير جائزة؛ لأن وصيته إلى عبد نفسه تكون نتيجة لعلمه بأن هذا العبد أمين رشيد يُحسِن التصرف تمامًا، وأنه سوف يحرص على وصية سيده كما يحرص على ماله أو أكثر.
وهذا القول وسط بين القول بالمنع مطلقًا والقول بالجواز مطلقًا، ومع ذلك لا بد من إذْن السيد؛ لأنه إذا قبِل الوصية فسوف ينشغل وقتًا غير قصير بتصريف هذه الوصية فيقتطع جزءًا من وقته يفوته على مَنْ؟ على سيده، فلا بد من إذن السيد.