للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهذا من الفروق بين أن يقول لزوجته: أمرك بيدك، وبين أن يقول: وكلتك في طلاق نفسك؛ إذا قال: وكلتك لم تملك إلا واحدة، وإذا قال: أمرك بيدك، فـ (أمر) هنا بمعنى شأن، وهو مفرد مضاف فيعم كل شؤونها، ومن شؤونها أن تطلق ثلاثًا. فهذا وجه الفرق.

إذا وكلها في طلاقها لم تملك إلا واحدة ما لم يعطها أكثر، وإذا قال: أمرُك بيدِك فإن (أمر) مفرد مضاف يعم، وهو بمعنى الشأن، فيكون جميع شأنها بيدها؛ إن شاءت طلقت واحدة أو اثنتين أو ثلاثة.

وعلى القول الراجح واحدة، حتى لو صرحت بالطلاق الثلاث فهي واحدة.

قال: (ولو نوى هو واحدةً) لو نوى واحدة فإنها تملك الثلاث، أما إذا قال: أمرك بيدك في طلقة واحدة، فلا تملك إلا واحدة.

قال: (ولو تراخى) يعني: حتى لو تراخى -أي تأخر- بأن قال لها: أمرك بيدك اليوم، وبعده بيوم أو يومين قالت: إني اخترت نفسي وطلقت نفسي، إذن لا يُشترط الفورية في قبولها، فلو تأخر فلا حرج.

قال: (ما لم يطأْ أو يُطَلِّقْ أو يفسخْ) هذه ثلاثة أشياء تبطل قوله لزوجته: (أمرك بيدك).

يقول: (ما لم يطأ)؛ لأن وطأه إياها؛ يعني: أنها لا تملك نفسها الآن؛ لأنه لو جعل لها ملك نفسها لتربص وانتظر حتى ينظر ما تفعل، فلما جامعها علمنا أنه عدل عن قوله الأول.

(أو يُطَلِّق) كذلك إذا طلق علمنا أنه فسخ قوله لها: أمرك بيدك؛ لأنه لو كان قد بقي لانتظر حتى ينظر ماذا تفعل أتطلق أم لا تطلق؟

(أو يفسخ) صراحة؛ يعني: يقول لها: إني قلت لك: أمرك بيدك، وإني الآن عادل عن ذلك وفاسخ هذا، فينفسخ.

فصار الأمر في الحقيقة بيدها وبيد الزوج؛ إذا لم يوجد ما يدل على أنه عزلها فالأمر بيد من؟ بيدها، وإن وُجِد ما يدل على أنه عزلها انفسخت وكالته.

(ويختص اختاري نفسك بواحدة وبالمجلس المتصل، ما لم يزدها فيهما).

<<  <  ج: ص:  >  >>