قال:(وإن لم يَنْوِ شيئًا فَظِهارٌ) إن قال لزوجته: أنت كالميتة ولا نوى شيئًا يُحَمْل على أنه ظهار؛ لأنه نص في التحريم، وهم يرون -أعني: الأصحاب رحمهم الله- أن تحريم المرأة ظهار، وقد عرفتم الصواب فيما سبق، وأن تحريم المرأة يمين إلا أن يكون بلفظ الظهار.
(وإن قال: حلفتُ بالطلاقِ وكذبَ لزمَه حُكمًا) قوله: (وكذب) يعني: وقد كذب، (لزمه حكمًا) إذا قيل: (لزمه حكمًا) صار لا يلزمه باطنًا فيما بينه وبين الله، لكن لو حاكمته الزوجة لزمه.
مثال ذلك: قال له شخص: تفضل معنا، ادخل لتتغدى أو تتعشى، قال: أنا حالف بالطلاق ألَّا أدخل، وهو كاذب ما حلف، هذه الكلمة أمسكتها الزوجة، وقالت: إنك حلفت بالطلاق؛ فإن حاكمته إلى القاضي أُلْزِم بالطلاق، وإن لم تحاكمه فلا شيء عليه.
وهل الأولى أن تحاكمه أو أن تتركه؟
فيه تفصيل؛ إن علمت من زوجها أنه رجل ورع صادق حَرُمَ عليها أن تحاكمه؛ لأنها لو حاكمته لأدى إلى التفريق بينهما، وإن علمت أنه رجل لا يبالي ولا يهتم بهذه الأمور، وليس أكبر همه إلا أن تعود زوجته إليه، فهذا يجب عليها أن تحاكمه. فإن ترددت فما الأولى؟ الأولى ألَّا تحاكم.
(لزمَه حُكمًا) ويش معنى (حكمًا)؟ يعني: إذا حاكمته، أما إذا لم تحاكمه فإنه يُدَيَّن فيما بينه وبين الله.
(وإن قال: أمرُك بيدِك مَلَكَتْ ًثلاثا ولو نوى واحدةً) هذا نوع من التوكيد، إذا قالت له زوجته: طلقني، طلقني، فكني منك، فقال لها: أمرك بيدك، الآن صار الأمر بيد من؟ الأمر بيدها؛ تطلق واحدة أو اثنتين أو ثلاثة.
أما على القول الراجح فإنه لا فرق بين أن تطلق واحدة أو ثنتين أو ثلاثة، فلو قالت مثلًا: طلقت نفسي طلقة، فهي طلقة، طلقت نفسي طلقتين، فهما طلقتان، طلقت نفسي ثلاثًا، فهي ثلاث.