(دُيِّنَ) يعني: يُرْجَع في ذلك إلى دينه، فإن كان صاحب دين ولا يمكن أن يكذب في قوله: أردت آخره، فإننا نقبله، وإن لم يكن ذلك فإننا لا نقبله حكمًا.
وهكذا كل شيء نقول فيه: يُدَيَّنُ، فهو إذا كان صاحب دِين قبلناه، وإن لم يكن صاحب دين حكمنا عليه بالظاهر.
(وإن قال: في غدٍ أو السبت أو في رمضانَ طلقتْ في أوله، وإن قال: أردتُ آخِرَ الكُلِّ دُيِّنَ وقُبِلَ).
لماذا يُدَيَّن ويُقْبَل؟ لأن كلامه يحتمل ما قال، فإذا كان يحتمل ما قال وهو رجل صاحب دين، نأخذ بقوله.
(وأنتِ طالق إلى شهرٍ) ظاهر اللفظ أنه وقت الطلاق أنها تطلق إلى شهر، وبعد الشهر لا تطلق.
لكن يقول المؤلف رحمه الله:(طلُقَتْ عند انقضائِه)، فيكون هذا التوقيت توقيتًا لإيقاعه أو إن شئت قل: لوقوعه، لا لبقاء حكمه.
انتبه، إذا قال: أنت طالق إلى شهر، فظاهر العبارة أن الطلاق مُوَقَّت من الآن إلى تمام الشهر، لكن هذا لا يمكن؛ إذ إن الطلاق ما فيه التوقيت، فلما تعذَّر توقيت انتهائه أخذنا بتوقيت ابتدائه، ونقول: بعد شهر تطلق، وقبل الشهر لا تطلق.
الآن أنت طالق إلى شهر، ما هو ظاهر اللفظ؟ أن الموقَّت هو نهاية الطلاق، لكن لا يمكن أن توقت نهاية الطلاق؛ لأن الطلاق ما يوقت، ما يقول الرجل لزوجته: أنت طالق لمدة شهر، هذا لا يمكن، فلما تعذَّر هذا جعلنا هذا التوقيت لابتدائه، أي: لابتداء الطلاق، فنقول: أنت طالق إلى شهر، يعني: إذا تم الشهر طلقتِ، وذكر في الشرح أنه روي عن ابن عباس رضي الله عنه وأبي ذر.
قال:(إلا أن ينويَ في الحال فيقعُ).
إن نوى أنت طالق إلى شهر في الحال (فيقع)؛ لأنه نوى شيئًا ممكنًا، وفيه أيضًا التشديد عليه، فيُقْبَل قوله.
(وأنت طالقٌ إلى سنةٍ تطلقُ باثنَيْ عَشَرَ شهرًا، فإن عَرَّفَها باللامِ طلُقتْ بانسلاخِ ذي الحجَّةِ).
هذا يستفيد منه العارف بالنحو، إذا قال: أنت طالق إلى سنة، تطلق إذا تم له سنة، اثني عشر شهرًا، هلاليًّا أو شمسيًّا؟ هلاليًّا.