للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا نُسلِّم أنه داخل في الآية، ولا نُسلِّم القياس أيضًا؛ أما لا نُسلِّم أنه داخل في الآية؛ فلأن الله تعالى قال: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى} [البقرة: ٢٢٢] (هو) ضمير يدل على التخصيص، {هُوَ أَذًى} لا غيره.

وأما أن لا نُسلِّم بالقياس؛ فلأنه لا قياس مع الفارق، يفترق دم الاستحاضة عن دم الحيض في أكثر الأحكام، ودمٌ يفارق غيره في أكثر الأحكام كيف يقال: إنه يقاس عليه؟ ولهذا الصحيح: أن وطء المستحاضة حلال، ولا بأس به.

ويدل لذلك أيضًا مع البراءة الأصلية -لأن الأصل البراءة والحل-: أن الصحابة الذين استحيضت نساؤهم، والنساء اللاتي استحضن في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام حوالي سبع عشرة امرأة، لم ينقل أن واحدًا منهم أمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يتجنب زوجته، ومعلوم أنه لو كان من شرع الله تحريم وطء المستحاضة لكان يُبينه الرسول عليه الصلاة والسلام لأصحابه الذين ابتليت زوجاتهم بهذا، ولكان ينقل؛ حفظًا للشريعة والحكم الشرعي، فلما لم يكن شيء من ذلك عُلِم أنه ليس بحرام.

وحينئذٍ يتبين أن القول الراجح في هذه المسألة هو: أن المستحاضة لا يحرم وطؤها، نعم إذا كان الإنسان يستقذره وكره أن يجامع مع رؤية الدم فهذا شيء نفسي لا يتعلق بحكم شرعي، والإنسان قد يكره الشيء كراهة نفسية، ولا يلام إذا تجنبه، كما كره النبي صلى الله عليه وسلم أكل الضب مع أنه حلال، وقال: «إِنَّهُ لَيْسَ فِي أَرْضِ قَوْمِي، فَأَجِدُنِي أَعَافُهُ» (٣). هذا حكم وطئها.

<<  <  ج: ص:  >  >>