الشيخ: وارد، ومن باب أولى إذا وضعت النعال عند باب المسجد، ثم خرج ولبس نعليه، لكن وجد فيه نعالًا أخرى فإنا نقول: نعلك ضائع، وما وجدتَ موضعه فإنه لقطة.
لو قال قائل: ليس في المسجد إلا أنا وآخر دخلنا جميعًا، أو دخل قبلي، أو دخلت قبله، لكن ما فيه أحد إلا نعلي ونعله، ثم إن الرجل خرج وأخذ نعلي، ولما خرجت لم أجد إلا هذا النعل، فهنا قد يجزم الإنسان مئة بالمئة أن الرجل الذي كان في المسجد غلط، وأخذ نعليه؛ نعلي الرجل الآخر أو تعمَّد، فكيف نقول: إنها لقطة؟
لأن الحكم بأنها لُقطة يستلزم أحد أمرين: إما أن يدعها الإنسان ويذهب إلى أهله حافيًا، وإما أن يأخذها ويُعرِّفها، وفيها صعوبة، ولكن هذا كلام الفقهاء رحمهم الله، يقولون: لأنه إذا كان فيه احتمال من مئة احتمال، فإن الأصل حُرمة مال الغير، ولا يمكن أن يأخذها ويتصرف فيها.
لكن إذا غلب على الظن أن المسألة فيها خطأ كالمثال الذي مثَّلته أخيرًا، رجلانِ في المسجد نعالهما تتشابهان، خرج أحدهما، وأخذ نعل صاحبه وأبقى نعله، هنا تكاد تقول: إنه مئة بالمئة، هذا النعل الباقي هو نعل صاحبي، وأن صاحبي أخذ نعلي.
ففي هذه الحال نرى أن يبحث عن الرجل؛ لأن مالك هذا النعل معلوم، فإن لم يجده فلينظر الفرْق بين قيمة نعله وهذا النعل الذي وجده، فإن كان نعلُه أحسن من هذا النعل أخذه واكتفى، وإن كان النعل الموجود أحسن من نعله فإنه يجب أن يتصدَّق بالزائد في ثمن هذا الموجود لصاحبه؛ لأن صاحبه الآن غير موجود، هذا إن أيس من صاحبه، أما إذا لم ييئس فهنا نقول: انتظر، ربما يرجع، لأن أحيانًا يغلط الإنسان، فإذا وصل إلى بيته مثلًا عرف أنه غلطان، فرجع يطلب نعليه، فنقول: انتظر، فإذا أيست من صاحبها فخذها، على أن الغالب -بالنسبة للنسيان- أنه لا يقع؛ لأن الرِّجل التي اعتادت على نعل مُعيَّن تعرف نعلها، الإنسان من يوم يلبس النعل يعرف أن هذا نعله أو نعل غيره.