الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، قال المؤلف رحمه الله تعالى:(باب السبْق) بسكون الباء، وأما (السبَق) فهو العِوض، فالسبْق معناه فوت لا يدرك؛ يعني بمعنى أن يفوتك الإنسان على وجه لا تدركه، فالسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار لا يمكن لمن بعدهم أن يلحقهم في هذا الوصف، ومن سابقك جريًا على الأقدام حتى وصل المنتهى قبل أن تصله فهو سبَقك على وجه لا تدركه، فهو فوت لا يُدرك، سواء كان معنويًّا أو كان حسيًّا، وسواء كان في الزمان أو كان في المكان، فالصحابة سبقونا بالزمان، هذا سبْق حسي، وكذلك سبقونا سبقًا معنويًّا بالعلم والإيمان والجهاد والعمل الصالح.
والسبْق ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
قسم لا يجوز لا بِعوض ولا غيره، وقسم يجوز بِعوض وغيره، وقسم يجوز بلا عِوض، ولا يجوز بعِوض.
والأصل فيه المنع؛ أي منْع العِوض؛ لأنه من باب الميسر، فإن الإنسان إما أن يكون غانِمًا، وإما أن يكون غارمًا، فإذا جعلنا مئة ريال لمن سبق، وتسابق اثنان في الجري على الأقدام، فأحدهما إما غانم وإما غارم، إما أن يأخذ المئة من صاحبه فيغنم، أو تؤخذ منه المئة فيغرم، فهو في الحقيقة ميسر، ولذلك الأصل هو منْع العِوض في المسابقة، هذا الأصل، ولا يجوز إلا لسبب سيأتينا إن شاء الله فيما بعد.
الأشياء التي فيها السباق تنقسم إلى ثلاثة أقسام:
الأول: ما يجوز بعِوض وغيره.
والثاني: عكسه، لا يجوز لا بعِوض ولا غيره.
والثالث: التفصيل؛ يجوز بلا عِوض، ولا يجوز بعِوض.
قال المؤلف:(يصح على الأقدام وسائر الحيوانات والسفن والمزاريق)(على الأقدام) مثل أن يتسابق رجلان أيهما أسرع وصولًا إلى الغرض الذي عيَّنه، وهو جائز بين الرجلين، وبين المرأتين، وبين الرجل وزوجته، كما سابق النبي صلى الله عليه وسلم عائشة رضي الله عنها (٣). هذا على الأقدام.