قال:(وهي) أي المسابقة (جعالة لكل واحد فسخُها) يعني أنها ليست من العقود اللازمة، بل هي من العقود الجائزة فهي تُشبه الجعالة.
والجعالة: أن يجعل الإنسان شيئًا معلومًا لمن يعمل له عملًا معلومًا، مثل أن يقول: من ردَّ ضالتي فله ألف ريال، هذه جعالة. السبْق من هذا الجنس.
وقوله:(لكل واحد) أي: من المتسابِقين (فسخها)، ويُشترط لذلك ألَّا يظهر الفضل لأحدهما، فإن ظهر الفضل لأحدهما فإنه يمتنع على صاحبه أن يفسَخ؛ لئلا يُؤدي إلى التلاعب، فمثلًا إذا كانت الإصابة تسعة من عشرة، ثم إن صاحبه أخذ ثلاثة وهو أخذ خمسة، فلا يجوز لصاحب الثلاثة أن يفسخ، ويجوز لصاحب الخمسة أن يفسخ؛ لأنه ظهر له الفضل.
فإن قال قائل: حتى صاحب الثلاثة ربما يكون مع تكرار المسابقة يقفز، وذاك يتأخر؛ لأن الإصابة مُقدَّرة بكم؟ بتسعة من عشرة؟ والآن ثلاثة من عشرة، وخمسة من عشرة، ربما في المستقبل يقفز صاحب الثلاثة حتى يغلب صاحب الخمسة، فيبقى صاحب الخمسة في مكانه، وذاك يتعلق.
نقول: هذا احتمال وارد، لكن ليس لنا إلا الظاهر، والآن الظاهر الغلبة مع مَنْ في المثال اللي ذكرنا؟ مع صاحب الخمسة، فصاحب الخمسة تبين الآن أن الحق له فيما يظهر، فإن فسخ هو فلا بأس، وإن فسخ المغلوب فليس له ذلك إلا إذا رضي صاحبه.
فقول المؤلف:(لكل واحد فسخها) هذا مُطلق يجب أن يُقيَّد، بماذا؟ ما لم يظهر الفضل لأحدهما، فإن ظهر الفضل لأحدهما فليس للمفضول أن يفسخ إلا برضا صاحبه.