للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهذه المسألة تؤيد القول بأن العارية لا تُضمَن إذا شرط نفي ضمانها، ووجه ذلك أنها إذا تلفت فيما استُعملت له فلا ضمان؛ لأن صاحبها حين أعطاها هذا الرجل يستعملها قد علم أنها سوف تتلف أو تنقص بهذا الاستعمال، فكذلك إذا شرط المستعير ألَّا يضمنها، فإنه لا شك أنه لا ضمان عليه، بل قلنا: إن الصواب أنه وإن لم يشترط أن لا ضمان عليه إذا تلفت بلا تَعَدٍّ ولا تفريط فلا ضمان على المستعير؛ لأنه قبضها من صاحبها بإذن منه، فيَدُه يد أمانة، هذه مسألتان.

المسألة الثالثة: إذا استعار كتبًا موقوفة على طلبة العلم، ثم إن هذا الكتاب مع المطالعة والمراجعة تمزَّق، أو انمحى بعض كتابته أو ما أشبه ذلك، فهل يضمن؟ لا يضمن، لماذا؟ لأنه هو نفسه مستحِق للانتفاع، لم يُعِرْه أحدٌ هو من طلبة العلم، واستعار من صاحب المكتبة هذا الكتاب، صاحب المكتبة لا يملك الكتاب؛ لأن الكتاب موقوف على مَن؟ على طلبة العلم، صاحب المكتبة ما هو إلا منظِّم، يُعِير هذا، ويعير هذا، ويعير هذا، فإذا تَلِفت الكتب الموقوفة على طلبة العلم بيدي أحد طلبة العلم أيش؟ فلا ضمان عليه؛ لأنه استعملها لا عن طريق العارية، ولكن عن طريق الاستحقاق، فليس عليه ضمان.

فإن قال قائل: ما تقولون في رجل استعار كتابًا من مكتبة، وصار يُحَشِّي عليه، وحَوَاشٍ حواشٍ، أيضمن أو لا يضمن؟

الطلبة: يضمن.

الشيخ: يضمن، عجيب، ليش؟

الطلبة: لأنه متعدٍّ.

الشيخ: متعدٍّ، وقد بَلَغَنَا أن بعض الناس تستعير كتبًا حديثية أو فقهية من المكتبات ثم يُحشِّي عليها، والقول الراجح كذا وكذا، وهو قول مرجوح.

وهذا القول الذي في الكتاب باطل، أو يقول: إنه بدعة بعد؛ لأن بعض الناس يظنون أن خلاف الفقهاء -رحمهم الله- أن المخالف لما يظن هذا أنه خلاف النص يكون مبتدعًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>