للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولكن إذا قال صاحب الجلد: أنا أريد أن آخذ الجلد لأدبغه، فإذا دُبغ صار -على القول الراجح- طاهرًا، فهو كالثوب النجس إذا غصبه غاصب يرده على صاحبه، فيقول: الشاة التي ماتت ملكي، والجلد يمكنني أن أنتفع به، وذلك بدبغه.

ولهذا كان القول الراجح في هذه المسألة أنه يجب عليه أن يرد جلد الميتة، وذلك لإمكان معالجته حتى يصبح طاهرًا.

(وإتلاف الثلاثة هدر)، الثلاثة يعني: الكلب، وخمر الذمي، وجلد الميتة، يعني لو أتلفها مُتْلِف فإنها لا تُضْمَن.

دليل ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ثَمَنُ الْكَلْبِ خَبِيثٌ» (٧)، وهذا يدل على أن الكلب لا قيمة له شرعًا، فإذا أتلفه مُتْلِف فليس عليه ضمان.

الخمر أيضًا، دليله أن النبي صلى الله عليه وسلم حرَّم بيعه، وهذا يدل على أنه لا عِوَض له شرعًا، فإذا أُتْلِف فلا ضمان.

أما جلد الميتة فيدخل في قول الرسول عليه الصلاة والسلام: «إِنَّ اللهَ حَرَّمَ بَيْعَ الْمَيْتَةِ» (٦)، وهذا يدل على أن الميتة ليس لها قيمة شرعًا، فإذا أتلفها متلف فإنه لا يضمن.

ولكن هل يُعاقَب على تعديه على حقوق الغير المحترَمة؟ الجواب: نعم، يعاقَب ويؤدَّب حيث أتلف شيئًا محترَمًا.

إنما ذكر المؤلف هذه الأشياء الثلاثة في باب الغصب؛ لقوله: (وإتلاف الثلاثة هدر)، أما غيرها مما يُتلَف ففيه الضمان، وسيأتي إن شاء الله.

قال: (وإن استولى على حر لم يضمنه)، يعني أنه أخذ حُرًّا واستولى عليه حتى جعله كالرقيق له، ثم مات الحر ويد الغاصب عليه فإنه لا يَضْمَن، لماذا؟ لأنه حر، ليس بمال، والحر لا تثبت عليه اليد، وإن استولى على عبد؟

الطلبة: ضمنه.

الشيخ: إذا استولى على عبد ضمنه؛ لأن العبد مال، كما لو استولى على سيارة، أو على بيت، أو ما أشبه ذلك، فإنه يضمنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>