من الأعذار أيضًا: أن يطرأ على الإنسان ريحٌ، غازات، يَشُقُّ عليه أن يبقى مع إمامه، فينفرد ويخفف وينصرف.
من الأعذار أيضًا: أن يطرأ عليه احتباسُ البول، يعني: يُحْصَر ببولٍ أو غائط، كما لو كان فيه إسهال مثلًا، ونزل الغائط بسرعة فانفرد ليخفِّف الصلاة وينصرف، كل هذه أعذار.
لكن إذا قُدِّر أنه لا يستفيد من مفارقة الإمام شيئًا؛ لأن الإمام يخفف، ولو خَفَّف أكثر من تخفيف الإمام لم تَحْصُل الطمأنينة، فهل يجوز أن ينفرد؟ لا، لماذا؟
لأنه لا يستفيد شيئًا بهذا الانفراد.
وعُلِمَ من قول المؤلف:(إن انفرد مؤتَمٌّ بلا عذر بطلَت) أن صلاته تبطُل بلا عذر وتصحُّ مع العذر.
ومن العذر أيضًا: أن تكون صلاة المأموم أقلَّ من صلاة الإمام، مثل: أن يُصَلِّي المغرب خَلْفَ مَنْ يُصَلِّي العشاء على القول بالجواز؛ فإنه في هذه الحال يَنْفَرِد ويقرأ التشهد وينصرف، أو يدخُل مع الإمام إذا كان يريد أن يجمع مع الإمام فيما بَقِيَ من صلاة العشاء، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وهو حَقٌّ، وأظنُّه منصوصَ الإمام أحمد، وأن الإمام أحمدَ نصَّ على جواز هذه الصورة.
إذن يجوز الانفراد في هذه الحال، ما نوع العذر؟
طالب:( ... ).
الشيخ: لا، عُذْرٌ شرعي؛ لأنه لو قام مع الإمام في الرابعة بَطَلَت صلاته، فهنا الانفراد لعذر شرعيٍّ، وإن انفرد بلا عذر فصريح كلام المؤلف أنها تبطل.
والقول الثاني في المسألة: أنها لا تَبْطُل، لكن هذا إن قلنا به، فيجب أن يُقَيَّد بما إذا أدرك الجماعة بأن يكون قد صَلَّى مع الإمام ركعةً فأكثر، أما إذا لم يكن أدرك الجماعة فإنه لا يَحِلُّ له تركُ الجماعة؛ لكن لو صَلَّى ركعة، ثم أراد أن ينفرد على القول بأنه يجوز الانفراد بلا عذر، فإنه حينئذ يجوز أن يَنْفَرِد.
لكن القول بالانفراد بلا عذر في النَّفْس منه شيء، أما مع العذر الحسِّي أو الشرعي فلا شك في جوازه.