ولكن القول الثاني في المذهب الذي اختاره شيخ الإسلام وجماعة من أهل العلم: أنه يستخلف، وأن صلاة المأموم لا تبطل بصلاة الإمام، بل إذا بطلت صلاة الإمام بطلت صلاته، وبقيت صلاة المأموم؛ ووجه ذلك: أن صلاة المأموم صحيحة، والأصل بقاء الصحة، ولا يمكن أن نُبْطِلَها إلا بدليل صحيح، الإمام بطلت صلاته بمقتضى الدليل الصحيح، أحدث مثلًا، تَبَيَّن أنه ليس على وضوء، لكن المأموم دخل بطاعة الله، وصلَّى بأمر الله، فلا يمكن أن نُفْسِد صلاتَه إلا بأمر الله، فأين الدليل من كتاب الله، أو سنة رسوله، أو إجماع المسلمين على أن صلاة المأموم تبطل بصلاة الإمام؟ ليس هناك دليل، والارتباطات المذكورة لا تَسْتَلْزِم أن تبطل صلاة المأموم ببطلان صلاة الإمام.
وبناء على هذا القول فإنه إذا سَبَقَ الإمامُ الحدث، أو ذكر أنه ليس على وضوء فإنه يُقَدِّم أحد المأمومين لِيُتِمَّ بهم الصلاة، فيقول: يا فلان تَقَدَّم، أتم بهم الصلاة، ولا يحل له أن يقول لهم: استأنفوا الصلاة؛ لأنه إذا قال: استأنفوا الصلاة أخرجهم من فرض، والخروج من الفرض لا يجوز إلا بسبب شرعي، وليس هذا سببًا شرعيًّا، ولهذا قال العلماء: مَنْ دَخَل في فرض حَرُمَ عليه قطعُه إلا بعذر، وهذا ليس بعذر، فالأصل صحة صلاتهم وعدم جواز الخروج منها فيقول: يا فلان، أتم بهم الصلاة، فإن لم يقل ذلك؟ فلهم أن يُقَدِّموا أحدهم ليتم بهم الصلاة، فإن لم يفعلوا أَتَمَّوْهَا؟
طلبة: فرادى.
الشيخ: فرادى، ولكن الأحسن أن يقول لهم: يا فلان، تقدم أتم بهم الصلاة لئلا يَحْصُل عليهم تشويش؛ لأنهم قد ينبهرون ماذا يصنعون؟