وهذا هو المشهور من المذهب، وبناءً على ذلك فإن الإمام إذا بطلت صلاته لا يستخلف من يتم بهم الصلاة، بل عليهم أن يستأنفوا الصلاة من جديد.
وهذ القول ليس عليه دليل، بل الدليل على خلافه، ليس عليه دليل سوى تعليل عليل، وهو ارتباط صلاة المأموم بصلاة الإمام، ونحن نُقر بذلك، كما ربطها النبي صلى الله عليه وسلم في قوله:«إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَلَا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ». (٢) الحديث.
لكن هل يلزم من هذا الارتباط أن الإمام إذا بطلت صلاته تبطل صلاة المأموم؟
ليس بلازم؛ وذلك لأن المأموم دخل في صلاة حسب ما أُمر به، فلا يخرج إلا بدليل على أنه فسدت صلاته، والأصل الصحة.
يُسثنى من ذلك ما إذا بطلت صلاة الإمام لخلل في شيء مشتَرك بينه وبين المأموم، فهذا يُستثنى، مثل؟
طلبة: السترة.
الشيخ: السترة؛ فإنه إذا قطعت صلاة الإمام فبطلت بطلت صلاة المأموم؛ لأن سترة الإمام مشتركة بينه وبين المأموم.
وعلى هذا فنقول: على القول الراجح أنها لا تبطل، نقول: ولا تبطل صلاة المأموم ببطلان صلاة الإمام فيستخلف من يتم بهم الصلاة.
وقد استدل بعض أهل العلم بحديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين طُعِن وهو في صلاة الفجر، فأمر عبد الرحمن بن عوف أن يُصلِّي بالناس (٣).
فإنه ليس بالحديث أن عبد الرحمن استأنف، ومعلوم أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه سبقه الحدث، وتكلم وقال -أظن-: أكلني الكلب، وهذا كله مفسد للصلاة، ومع ذلك لم يُنقل أنه أمر عبد الرحمن أن يستأنف بهم الصلاة.
على كل حال، على فرض ألَّا يتم الاستدلال بهذا الأثر، فإن لدينا القاعدة الثابتة الراسخة، وهي أن من دخل في عبادة على الوجه المأمور به، فإنه لا يخرج منها إلا بدليل؛ لأن الأصل صحتها، لا سيما وأن الصلاة قد تكون فريضة، والفريضة لا يجوز الخروج منها إلا بدليل شرعي.