للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والأصل في هذا أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أصاب أرضًا في خيبر وكانت نفيسة عنده، فجاء يستشير النبي صلى الله عليه وسلم ماذا يصنع فيها؟ لأن الصحابة رضي الله عنهم ينفقون مما يحبون، وكانت هذه الأرض أنفس مال عند عمر، فجاء يستأمر النبي صلى الله عليه وسلم فيها فأرشده إلى الوقف قال: «إِنْ شِئْتَ حَبَسْتَ أَصْلَهَا وَسَبَّلْتَ ثَمَرَتَهَا» (٥)، وفي لفظ: «احْبِسْ أَصْلَهَا وَسَبِّلْ ثَمَرَهَا» (٦)، وهذا أول وقف في الإسلام، ففعل عمر رضي الله عنه، وجعل لها مصارف نذكرها -إن شاء الله- فيما بعد.

ولم يذكر المؤلف رحمه الله حكم الوقف -الحكم التكليفي- يعني: هل هو جائز أو حرام أو واجب أو مندوب؟ وإنما ذكر حكمه الوضعي فقال: (ويصح) في القول وفي الفعل، لكن نحن نقول: الوقف لا، هو تبرع بالمال وحبس له عن التصرف فيه، فإذا كان على جهة مشروعة كان مستحبًّا؛ لأنه من الصدقة، وإذا نذره الإنسان كان واجبًا بالنذر، وإذا كان فيه حيف كان حرامًا، وإذا كان فيه تضييق على الورثة كان مكروهًا.

فيمكن أن تجد فيه الأحكام الأربعة أو الخمسة، هذا من حيث الحكم التكليفي، فإذا جاءنا إنسان يقول: أنا أريد أن أوقف هذه الأرض لأعمر عليها مسجدًا، ماذا نقول؟

نقول: هذا مستحب؛ لأنه من الإحسان والصدقة، والله تعالى يحب المحسنين.

(تسبيل المنفعة) يعني: إطلاقها، والمراد بالمنفعة: الغلة؛ كأجرة البيت -مثلًا- والثمرة والزرع، وما أشبهها.

(ويصح بالقول وبالفعل) يصح بالقول بأن يقول: وقفت داري، وقفت سيارتي، وقفت أرضي، وما أشبه ذلك، هذا بالقول، وسيأتي أن القول ينقسم إلى قسمين.

أما الفعل فيشترط أن يكون هناك قرينة تدل عليه على أنه وقف، فإذا وجدت قرينة تدل على أنه وقف فهو وقف ولو نوى خلافه.

<<  <  ج: ص:  >  >>