قال:(فتُشْتَرط النية مع الكناية أو اقتران أحد الألفاظ الخمسة أو حكم الوقف) يعني: أن الكناية لا يثبت بها الوقف إلا بواحد من أمور ثلاثة:
النية؛ فإذا قال: تصدقت بسيارتي على فلان، ثم قال: إنه نوى أنه وقف عليه، فكلام المؤلف يدل على أنها تصير وقفًا، وأن المتصدق عليه لا يبيعها ولا ينقل ملكها؛ لأنها وقف.
لكن لو ادَّعى المتصدق عليه أنها ملكه، فهنا تعارض شيئان: ظاهر اللفظ وباطن النية.
فهل نقول: إن الإنسان أعلم بنيته وأنه يرجع إليه؛ لأنه أخرج ملكه على هذا الوجه، فلا يخرج إلا على هذا الوجه، أو نقول: إن هذه دعوى خلاف الظاهر وهي ممكنة؛ لأنه ربما يتحسب على الصدقة بها ويدعي أنها وقف حتى تكون حبيسة؟
هنا ينبغي أن يتدخل فيها القضاء، ويُنْظَر هل هذا الرجل أمين بحيث يكون ما ادَّعاه من النية صدقًا، أو غير أمين ويحكم بالقرائن؟
إذا قال: حَرَّمتُ سيارتي، فهذه يحتمل أن المعنى حَرَّمَها؛ أي: حلف ألَّا يركبها؛ لأن التحريم يمين، كما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١) قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} [التحريم: ١، ٢]، فيحتمل أن يقال: حَرَّمْتُها؛ أي: حرمت ركوبها والانتفاع بها، وحينئذٍ يكون ذلك يمينًا؛ إذا كفَّر كفارة يمين عاد واستعملها.
فإذا قال: حَرَّمْتُ سيارتي، ثم رأيناه يريد أن يبيعها، فهنا نقول: قفْ، هل أنت نويت الوقف أو لا؟
إذا قال: لم أنو الوقف، قلنا: بعها، وكفِّر كفارة يمين. وإن قال: أنه نوى الوقف صارت وقفًا.