للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وينبغي أن يأتي إليها بسكينة ووقار؛ سكينة في الأطراف ووقار في الهيئة، فلا يأتي إليها وهو منزعج أو يمشي مشية الإنسان الذي ليس بمنتظم، بل يكون وقورًا؛ لأنه مقبل على مكان يقف فيه بين يدي الله عز وجل، ونحن نعلم أن الإنسان لو أقبل على قصر ملك من الملوك لوجدته يتهيأ وينظر كيف مشلحه؟ كيف شماغه؟ كيف وجهه؟ كيف ثوبه؟ ويأتي بسكينة ووقار ويُظهر على نفسه ذلك فكيف بمن يأتي إلى بيت الله عز وجل ليقف بين يديه؟ ولا يكون مسرعًا، لا يسرع المشي حتى وإن خاف أن تفوته الصلاة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِذَا سَمِعْتُمُ الْإِقَامَةَ فَامْشُوا إِلَى الصَّلَاةِ وَعَلَيْكُمُ السَّكِينَةُ وَالْوَقَارُ وَلَا تُسْرِعُوا» (٣)، لا تسرع فما أدركت فصَلِّ، وما فاتك فأتم؛ يعني هذا هو حقيقة الأدب مع الله عز وجل.

ثم إذا حضرت المسجد فصلِّ ما تيسر لك، إن كان قد أذَّن فإنه يمكنك أن تصلي الراتبة إذا كانت لهذه الفريضة راتبة قبلها، وإن لم يكن لها راتبة قبلها فسُنَّة ما بين الأذانين؛ لأن بين كل أذانين صلاة.

وتُجزِئ هذه الصلاة -أعني سُنَّة ما بين الأذانين أو الراتبة- عن تحية المسجد؛ لأن قول الرسول عليه الصلاة والسلام: «إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ فَلَا يَجْلِسْ حَتَّى يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ» (٤)، يصدق بما إذا صلى الإنسان الراتبة أو سنة ما بين الأذانين، ثم اجلس بنية انتظار الصلاة، واعلم أنك لا تزال في صلاة ما انتظرت الصلاة حتى لو تأخر الإمام وزاد خمس دقائق أو عشر فإنك على خير؛ لأنك لا تزال في صلاة ما انتظرت الصلاة، ثم مع ذلك الملائكة تصلي عليك ما دمت في مصلَّاك.

ورجل تصلي عليه الملائكة حري بأن يستجيب الله -سبحانه وتعالى- دعاء الملائكة له.

<<  <  ج: ص:  >  >>