للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكن هناك وجه سابع في التسوية وهي تفضيل اليمين؛ يمين الإمام على شماله؛ يعني أن أيمن الصف أفضل من أيسره، ولكن ليس على سبيل الإطلاق كما في الصف الأول؛ لأنه لو كان على سبيل الإطلاق كما في الصف الأول لقال الرسول عليه الصلاة والسلام: أتموا الأيمن فالأيمن، كما قال: «أَتِمُّوا الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ» (١١)، وإذا كان ليس من المشروع أن نبدأ بالجانب الأيمن حتى يكمل فإننا ننظر في أصول الشريعة، كيف يكون هذا بالنسبة لليسار؟

نجد أن هذا يكون بالنسبة لليسار إذا تحاذا اليمين واليسار وتساويا فالأفضل اليمين، كما لو كان اليسار خمسة واليمين خمسة، وجاء الحادي عشر نقول له: اذهب إلى اليمين؛ لأن اليمين أفضل مع التساوي أو التقارب أيضًا بحيث لا يظهر التفاوت بين يمين الصف ويساره، أما مع التباعد فلا شك أن اليسار القريب أفضل من اليمين البعيد؛ ويدل لذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان في أول الأمر يأمر الجماعة إذا كانوا ثلاثة أن يقف الإمام بينهما، بين الاثنين (١٢).

وهذا يدل على أن اليمين ليس أفضل مطلقًا؛ لأنه لو كان أفضل مطلقًا لكان الأفضل أن يكون المأمومان عن يمين الإمام، ولكن كان المشروع أن واحدًا عن اليمين وواحدًا عن اليسار حتى يتوسط الإمام، ولا يحصل حيف وجنف في أحد الطرفين.

ومن استواء الصفوف أن تفرد النساء وحدها؛ بمعنى أن يكون النساء خلف الرجال، لا يختلط النساء بالرجال؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «خَيْرُ صُفُوفِ الرِّجَالِ أَوَّلُهَا، وَشَرُّهَا آخِرُهَا، وَخَيْرُ صُفُوفِ النِّسَاءِ آخِرُهَا، وَشَرُّهَا أَوَّلُهَا» (١٣)، فبين هنا -عليه الصلاة والسلام- أنه كلما تأخر النساء عن الرجال كان أفضل.

<<  <  ج: ص:  >  >>