للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: (رافعًا يديه) لم يُبيِّن المؤلف هل هذا عام للرجال والنساء أو خاص بالرجال، ولكنه سيأتي -إن شاء الله- في آخر صفة الصلاة أن المرأة كالرجل إلا أنها تسدل رجليها، وتضم نفسها فلا تتجافى عند السجود، ولا ترفع يديها، تخالف في هذه الأمور الثلاثة، وربما في أكثر كما سننظر إن شاء الله، ولكن الصحيح أن ذلك عام في حق الرجل وحق المرأة، وأن المرأة ترفع يديها كما يرفع الرجل.

فإذا قال قائل: ما الدليل على عموم هذا الحكم للرجال والنساء؟

قلنا: الدليل أن ما ثبت في حق الرجال ثبت في حق النساء، وما ثبت في حق النساء ثبت في حق الرجال إلا بدليل، وهنا ليس فيه دليل على أن المرأة لا ترفع يديها، بل النصوص عامة، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» (٢٥)، الخطاب فيه للرجال وللنساء، يشمل.

فإذا قال قائل: ما الحكمة من رفع اليدين؟

فالجواب على ذلك: أن الحكمة في ذلك الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فاتباع الرسول عليه الصلاة والسلام هو الحكمة، وهو الذي يُسلِّم به المرء بدون أن يتجول عقله هنا وهناك.

ولهذا لما سئلت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: ما بالُ الحائض تقضي الصوم، ولا تقضي الصلاة؟ قالت: كان يصيبنا ذلك فنُؤْمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة (٢٦).

وإنما عللت بالنص؛ لأن النص غاية كل مؤمن {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} [الأحزاب: ٣٦]، فالمؤمن إذا قيل له: هذا حكم الله ورسوله، وظيفته أن يقول: سمعنا وأطعنا.

إذن الحكمة من رفع اليدين عند التكبير هو؟

طالب: الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم.

الشيخ: الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم، ومع ذلك يمكن أن نتأمل لعلنا نحصل على حكمة من فِعل الرسول؛ يعني لماذا فعل الرسول هذا؟

<<  <  ج: ص:  >  >>