للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والعلماء رحمهم الله اختلفوا في العبادات الواردة على وجوه متنوعة، هل الأفضل الاقتصار على واحد منها، أو الأفضل فعل جميعها في أوقات شتى، أو الأفضل أن يجمع بين ما يمكن جمعه؟ والصحيح القول الثاني الوسط، وهو أن العبادات الواردة على وجوه متنوعة يفعل بعضها هكذا وبعضها هكذا، فهنا الرفع ورد إلى حذو منكبيه، ورد إلى فروع أذنيه، فنقول: كل سُنة، والأفضل أن تفعل هذا مرة وهذا مرة؛ ليتحقق فعل السنة على الوجهين، ولبقاء السنة حية؛ لأنك لو أخذت بوجه وتركت الآخر مات الوجه الآخر، فلا يمكن أن تبقى سنة حية إلا إذا كنا نعمل بهذا مرة وبهذا مرة، ولأن الإنسان إذا عمل بهذا مرة وبهذا مرة صار قلبه حاضرًا عند أداء السنة، بخلاف ما إذا اعتاد الشيء دائمًا فإنه يكون فاعلًا له كفعل الآلة عادة، وهذا شيء مشاهد، ولهذا من لزم الاستفتاح مثلًا بقول: «سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ» دائمًا تجده من يوم يكبِّر يشرع في «سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ» من غير شعور؛ لأنه اعتاد ذلك، لكن لو كان يقول هذا مرة والثاني مرة صار منتبهًا.

ففي فعل العبادات المتنوعة على وجوهها الواردة ثلاثة فوائد:

الأول: اتباع السنة. والثاني: إحياء السنة. والثالث: حضور القلب.

وربما يكون هناك وجه رابع في بعض الأحيان: إذا كانت إحدى الصفات أقصر من الأخرى، كما في الذكر بعد الصلاة أحيانًا يكون الإنسان مثلًا يحب أن يسرع في الانصراف فيقتصر على (سبحان الله) عشر مرات و (الحمد لله) عشر مرات و (الله أكبر) عشر مرات؛ فيكون هنا فاعلًا للسنة قاضيًا لحاجته، ولا حرج على الإنسان أن يفعل ذلك يعني مع قصد الحاجة؛ كما قال تعالى في أهل الحج: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} [البقرة: ١٩٨].

إذن الأفضل في رفع اليدين أيش؟

طالب: ( ... ).

<<  <  ج: ص:  >  >>