القسم الرابع: وليمة مندوب إليها، وهي وليمة العرس لأول مرة، هذه مندوبة؛ دليل ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الرحمن بن عوف:«أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ»(٩). والأمر هنا إما للوجوب أو للاستحباب، فوليمة العرس سُنَّة، بحق مَن؟ أبحق المرأة وأهلها أم بحق الزوج؟ الجواب الثاني، أنها وليمة في حق الزوج؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال لعبد الرحمن:«أَوْلِمْ»، ولم يقل لأصحابه: أولموا، بل قال: أولم؛ ولأن النعمة في حق الزوج أكبر من النعمة في حق الزوجة؛ لأن هو الطالب، هو الذي يطلب المرأة، يندر جدًّا أن المرأة تطلب الرجل.
إذن وليمة العرس سُنَّة، الدليل قول النبي صلى الله عليه وسلم لمن؟ لعبد الرحمن بن عوف «أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ»، فيُولم الإنسان بقدر ما آتاه الله {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ}[الطلاق: ٧].
وأما التفاخر بها، والغلو فيها فإن أقل أحواله الكراهة، وقد يصل إلى التحريم، فإن كان الرجل من الأغنياء الأثرياء الأقوياء ذوي الجاه الذين لا يليق بهم إلا أن يكبر الوليمة، فهي مكروهة في حقه، مكروهة وإن كان من الفقراء الذين يتطلب تعظيم الوليمة ديونًا واستقراضًا، ودفقًا لماء الوجه، فهنا المغالاة فيها تكون حرامًا، لاحظوا لأن الإسراف يختلف باختلاف الناس؛ قد يكون هذا الفعل في حق شخص إسرافًا وفي حق آخر جائزًا.