والجواب: إن كانت الوليمة محرمة فالإجابة إليها محرمة، الكلام الذي ذكرناه أولًا، إلا إذا كان المجيب قادرًا على تغيير المنكر، فحينئذٍ يجب عليه الحضور لا إجابة للدعوة، ولكن لتغيير المنكر، مثل أن يُدعى رجل له قيمته العلمية، أو السلطة إلى وليمة فيها الحرام فيحضر وهو قادر على أن يغير هذا الحرام، فالحضور عليه واجب، لماذا؟ لأنه قادر على تغيير المنكر، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام:«مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ»(١٢). وأما إذا لم يكن قادرًا فالإجابة إلى الوليمة المحرمة حرام؛ دليل هذا قوله تعالى:{وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}[المائدة: ٢] وقوله تعالى: {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إذن مِثْلُهُمْ}[النساء: ١٤٠].
يعني إن قعدتم معهم فأنتم مثلهم في العقوبة والمعصية، هذا المحرم الإجابة المحرمة.
الوليمة المباحة، الإجابة إليها أقل أحوالها أن تكون سُنَّة، وذهبت الظاهرية، وهم على جانب كبير من الصواب، إلى وجوب الإجابة، فإذا دعاك إنسان إلى غداء أو عشاء غير وليمة العرس، فالظاهرية يقولون: إن الإجابة واجبة يجب أن تُجيب؛ لقول النبي عليه الصلاة والسلام في حقوق المسلم على أخيه:«وَإِذَا دَعَاكَ فَأَجِبْهُ»(١٣). ولأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال:«مَنْ لَمْ يُجِبْ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ»(١٤). وهذا قول قوي جدًّا، أنك إذا دُعِيت تجيب، ولكن إذا كان للإنسان عذر، هذا دليله.