قال:(وبالواو) يعني: إن قمتِ وقعدتِ (تطلقُ بوجودِهما).
لو قال: أنت طالق إن قمتِ وقعدتِ، ما قال: ثُمَّ، وليس هناك دليل على أنه يريد الترتيب، فيقول: تطلق إذا قامت وقعدت؛ لأنه قال: إن قعدتِ وقمتِ، تطلق إذا قامت وقعدت، سواء بدأت بالقيام أولًا أو بالقعود.
ولهذا قال:(وبالواو) أنت طالق إن قمتِ وقعدتِ، (تطلق بوجودهما)، أي: القيام والقعود، (ولو غير مُرَتَّبَيْنِ).
(وبـ (أو)) بأن قال: إن قمتِ أو قعدتِ (بوجود أحدهما).
(أو) لأحد الشيئين، فإذا قال: أنت طالق إن قمتِ أو قعدتِ، طلقت إن قامت وطلقت إن قعدت.
عندي مسألة في الشرح نذكرها لأنها غريبة، يقول: إن علَّق الطلاق على صفات فاجتمعت في عين، مثل أن يقول: إن رأيتِ رجلًا فأنت طالق، إن رأيت أسود فأنت طالق، إن رأيت فقيهًا فأنت طالق، كم من صفة؟ ثلاث: الرجولة والسواد والفقه، فرأت رجلًا أسود فقيهًا، كم تطلق؟
طلبة: ثلاثًا.
الشيخ: ثلاثًا.
طالب: تَبِين إن شاء الله.
الشيخ: تطلق ثلاثًا، مع أنها لم تَرَ إلا واحدًا، لكن يقولون: نُغَلِّب الصفة.
إلا أن بعض أهل العلم خالَف في هذا، وقال: إن ظاهر الحال يقتضي أن ترى رجلًا، وترى رجلًا أسود، وترى رجلًا فقيهًا؛ لأنه قال: إن رأيت رجلًا فأنت طالق، وإن رأيت أسود، وهذا يقتضي أن يكون غير الأول، وإن رأيتِ فقيهًا، هذا يقتضي غير الأول، الآن لو وجدنا رجلًا أسود فقيهًا، يعني يبعد جدًّا أنه أراد الصفات دون الأعيان، ولهذا خالف بعض العلماء فقال: لا تطلق حتى ترى رجلًا، ثم ترى أسود، ولو غير رجل، ثم ترى فقيهًا ولو غير رجل.
طالب:( ... ).
الشيخ: نعم، يمكن لو ثلاث عشرة سنة ما بلغ، لكنه فقيه، ما يمكن هذا؟ يمكن، قبل أيام ذكر لي واحد أنه نُشِرَ في الصحف صبي له سبع أو ثماني سنوات حافظ القرآن كله، ويعرف التفسير، وحافظ من كتب الفقه ما حفظ، ويعرف تفسيره، يقال هكذا، فأنا قلت: لعله صغير القامة، قصير القامة، وقالوا: هذا له ثلاث عشرة سنة.