للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نقول: أما الأول من أحق بالحضانة؛ فإنه مع اختلافهم الطويل العريض لم يذكروا أدلة تطمئن إليها النفس؛ فالنبي عليه الصلاة والسلام قال في الأم: «أَنْتِ أَحَقُّ بِهِ مَا لَمْ تَنْكِحِي» (٧)، وقال: «الْخَالَةُ بِمَنْزِلَةِ الْأُمِّ» (٨)، وليس هناك إذا لم يكن منازعٌ فالأمر بسيط، لكن عند النزاع إذا قال الأب: أنا اللي أبغي أحضن، وقالت الأم: أنا اللي أبغي أحضن، أو قال الأخ: أنا اللي أبغي أحضن، وقالت الأخت: أنا اللي أبغي أحضن، هنا يقع الإشكال، أما إذا أخذها أحد الأقارب، أخذ هذا المحضون أحد الأقارب ولم يكن نزاع، فأظن المسألة ما تحتاج إلى كبير عناء ولَّا لا؟ لكن عند النزاع؛ أنا عندي الراجح يقول ما اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية وهو المذكور في البيتين:

وَقَدِّمِ الْأَقْرَبَ ثُمَّ الْأُنْثَى

وَإِنْ يَكُونَا ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى

فَأَقْرِعَنْ فِي جِهَةٍ وَقَدِّمِ

أُبُوَّةً إِنْ لِجِهَاتٍ تَنْتَمِي

(وَقَدِّمِ الْأَقْرَبَ)؛ تقديم الأقرب هذا أمرٌ يدل عليه الشرع ويدل عليه العقل؛ أما الشرع فقد قال الله تعالى: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ} [الأنفال: ٧٥]، و (أولو) بمعنى أصحاب، والأرحام بمعنى القرابات، إذا كانت الأولوية مبنية على القرابة فكما سبق كل من كان بالوصف أقوى كان بالحكم أولى، فنقول: ما دام المسألة مبنية على القرابة فكل من كان أقرب فهو أولى من غيره، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا فَمَا بَقِيَ فَلِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ» (٩). فاعتبر الأقرب.

إذن نقول: الأقرب هو المقدم، فإذا تنازع في الحضانة أب وأم أم من تكون له الحضانة؟ تكون للأب؛ لأنه أقرب.

<<  <  ج: ص:  >  >>