الشيخ:{هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} إذا كنا ممنوعين منه شرعًا، فما فائدة خلقه ونحن ممنوعون؟ نقول: هو إذن الأصل فيه الحل، حتى يأتي المحرم بدليل؛ ولذلك اختلف العلماء فيه أول ما ظهر، حتى إن بعضهم يقول: إنها تجري فيه الأحكام الخمسة، يكون أحيانًا واجبًا، إذا قال الإنسان: أنا الآن دايخ ما أقدر أصلي إلا إذا كنت، بيشرب له سيجارة أو سيجارتين، يقولون: اشرب، لتستعين بها على واجب، ويرون أنه لا فرق بينه وبين القهوة، فإنها تجري فيها الأحكام الخمسة.
ولهذا قال في الغاية - غاية المنتهي أو المنتهى في الجمع بين الإقناع والمنتهى- قال: ويتجه حل قهوة ودخان والأولى لكل ذي مروءة تركهما؛ جعل القهوة مع الدخان.
ولكن على كل حال بعد ما أن الناس رأوا المضرة العظيمة في الدخان طبًّا واقتصادًا وصحة عرفوا أنه محرَّم حتى الأطباء الآن يكادون يكونون مجمعين على أنه ضار، وإذا كان ضارًّا فهو محرم؛ لأن الله تعالى يقول في القرآن:{وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ}[النساء: ٢٩]، وأوجب على المريض أن يتيمم خوفًا من الضرر، وإلا لكان يمكن أن يتوضأ ويتضرر.
وقال تعالى:{وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ}[البقرة: ١٩٥]، وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:«لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ»(٣).
ثم فيه أيضًا إتلاف مال بدون فائدة دنيوية ولا أخروية، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن إضاعة المال (٤)، وله مضار كثيرة معروفة كثر فيه البحث.
فإذن نقول لمن قال: كيف تنكرون عليَّ والأصل الحل؟ نقول: ننكر عليك بالأدلة الشرعية؛ لأن الأصل يمكن الانتقال عنه مع وجود دليل ينقل عنه. البيرة الآن يتكلم فيها الناس، يقول بعضهم: إنها حرام، وبعضهم يقول: إنها حلال، من نتبع؟
المحلل، حتى يوجد دليل على التحريم، إذا وجد دليل على التحريم قلنا: حرام، وإلا فالأصل أنها حلال، وهكذا تمشي على هذه القاعدة.