للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيخ: هي أصلها غريزة، صحيح، الأصل أنها غريزة، لكنها تحصل بالاكتساب، بالتمرن عليها تحصل، ولهذا نجد الناس مثلًا كانوا من أهل الفجور، ومن أهل العنف، ومن أهل الانحراف، فمَنَّ الله عليهم بالعلم، تعلَّمُوا وصار هذا العلم مَكَّنَهُم من أخلاق فاضلة ما كانوا عليها من قبل، قلنا: إن الإحسان يُكْتَسَب، فهذا لا شك أنها غريزة، ولكنها تحصل أيضًا بالاكتساب.

ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام لأشَجّ عبد القيس: «إِنَّ فِيكَ لَخُلُقَيْنِ يُحِبُّهُمَا اللهُ».

طالب: ( ... ).

الشيخ: لأشج عبد القيس: «إِنَّ فِيكَ لَخُلُقَيْنِ يُحِبُّهُمَا اللهُ: الْحِلْمُ وَالْأَنَاةُ»، قال: يا رسول الله، خُلُقَيْنِ تخلَّقتُ بهما أو جُبِلْتُ عليهما؟ قال: «جَبَلَكَ اللهُ عَلَيْهِمَا»، فقال: الحمد لله الذي جَبَلَنِي على ما يحب. (١٤)

فقوله: تخلَّقت بهما، دليل على أن مثل ذلك يحصل بالاكتساب، لكن الذي يحصل بالاكتساب قد يزول؛ لأنه يحتاج إلى ضبط، إن الإنسان يضبط نفسه جازمًا ويكون على حذر، بخلاف الذي يكون هذا الأمر جِبِلَّةً له فإنه يكون طبيعةً، لكن هذا يحتاج إلى كبح جماح النفس دائمًا وملاحظتها دائمًا.

ولهذا يجب أن نقول بما ذكره الفقهاء أن يكون حليمًا، وأن يكون لَيِّنًا، وأن يكون قويًّا، هي الأصل أنها أخلاق غريزية، ولكنها تحصل بالاكتساب.

ينبغي أيضًا من الآداب التي ذكرها الفقهاء أنها مستحبة ألَّا ينزل بنفسه إلى سفاسف الأمور، مثل سؤال الناس، وعدم التعفف عما في أيديهم ولو بغير طريق مباشر، قد يكون بغير طريق مباشر، ما يقول للناس: أعطوني ساعة، أعطوني قلمًا، لكن يأخذ ساعة ويضعها عنده ويقول: والله هذه ساعة طيبة، ( ... ) خصوصًا إذا قال: ما يوجد مثلها، يعني ما دام ما هي موجودة إلا عندك أعطني إياها، مثل هذه الأمور أيضًا ينبغي أنه يبعد نفسه عنها.

<<  <  ج: ص:  >  >>