للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيه أيضًا مفسدة ثالثة، وهي الحركة بالجوارح، وهذه الحركة دخيلة على الصلاة؛ لأن الصلاة لها حركات معينة من قيام وقعود وركوع وسجود، فصار في تعليل العبث في الصلاة ثلاث علل، وأما ما ذكره المؤلف الشارح رحمه الله لأنه صلى الله عليه وسلم رأى رجلًا يعبث في صلاته فقال: «لَوْ خَشَعَ قَلْبُ هَذَا لَخَشَعَتْ جَوَارِحُهُ» (٢) فهذا الحديث ضعيف ولا يُحتج به، وقد روي عن عمر رضي الله عنه، وروي عن سعيد بن المسيب، ولكن العلل التي ذكرناها واضحة: الأولى: انشغال القلب بذلك، وكل ما يشغل القلب فإن الإنسان مأمور باجتنابه في صلاته، ودليله حديث الخميصة، والثاني: أنه عبث ينافي الجدية التي في الصلاة، والثالث: أنه حركة دخيلة على الصلاة؛ لأن البدن الآن مشغول بحركات الصلاة، فإذا تحرك بغير هذه الحركات فقد أدخل في الصلاة حركات ليست منها.

قال: (وتخصره) تخصره أي: وضع يده على خاصرته، والخاصرة هي المستدق من البطن الذي فوق الورك، يعني وسط الإنسان، ما استدق من بطنه فوق وركه هذا، يعني هذا، فإنه يكره؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يصلي الرجل متخصرًا، يعني واضعًا يديه على خاصرته، وقد جاء تعليل ذلك في حديث عائشة بأنه فعل اليهود (٣)، فكان اليهود يفعلون هذا في صلاتهم، ولأنه في الغالب يأتي في حال انقباض الإنسان، إذا قال هكذا كأنه يهوجس مثلا ولّا يفكر في شيء، وهذا فيه شيء من منافاته للصلاة.

<<  <  ج: ص:  >  >>