على كل حال الصحيح العموم، وظاهر كلام المؤلف أيضًا أنه لا فرق بين مكة وغيرها، وهذا هو الصحيح، ولا حجة لمن استثنى مكة بما يروى عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه كان يصلي والناس يمرون بين يديه الطائفون، ولا يرى في ذلك شيئًا (٢١)؛ لأن هذا الحديث فيه راو مجهول، وجهالة الراوي طعن في الحديث، ولأنه على تقدير صحته محمول على أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يصلي في المطاف، والمطاف أحق الناس به الطائفون؛ لأنه لا مكان لهم إلا هذا، المصلي يستطيع أن يصلي في أي مكان من الأرض، لكن الطائف ليس له مكان إلا ما حول الكعبة، فهو أحق به، هذا إن صح الحديث، والله أعلم بصحته، ولهذا بوب البخاري رحمه الله في صحيحه بقوله: باب السترة في مكة وغيرها. يعني أن مكة وغيرها سواء.
فإن قال قائل: إذا غلبه المار ومر فما الحكم؟
نقول: الإثم على المار، أما أنت إذا كنت قد قمت بما أمرك به النبي عليه الصلاة والسلام، ولم تتمكن من دفع هذا المار فإن صلاتك لا تنقص، ولكن هل تبطل بمرور المرأة، إذا كان المار امرأة؟
الظاهر أنها تبطل، وأنه يلزمه استئنافها، وفي النفس من هذا شيء؛ لأن المصلي إذا فعل ما أمر به وجاء الأمر بغير اختياره، ولم يحصل ذلك عن تفريط منه أو تهاون، فكيف نبطل عبادته بفعل غيره؛ لأن الآثم هنا المار، ففي نفسي من هذا شيء، أما إذا كان بتهاون منه وعدم مبالاة كما يفعل بعض الناس ما يهمه، يمر أي واحد، فهذا لا شك أن صلاته تبطل.
قال المؤلف رحمه الله:(وله الفتح على إمامه وعد الآي). يعني وله عد الآي، أي المصلي، الآي جمع؟