للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجواب: الثاني، لا تفعل إلا لحاجة، ومن الحاجة أن يبرد الإنسان في صلاته؛ شرع في صلاته ثم أصابه البرد، والثوب حوله معلق في الجدار، فله أن يأخذه ويلبسه؛ لأن هذه حاجة، بل قد يكون مشروعًا له أن يفعل، إذا كان هذا يؤدي -أي لبس الثوب للتدفئة- يؤدي إلى اطمئنانه في صلاته؛ لأن الإنسان إذا كان بردان يشق عليه الصلاة، فنقول في هذه الحال: لك أن تلبس الثوب، كذلك له لف العمامة، أيش العمامة؟ العمامة التي تدار على الرأس، لو أنها انحلت فله أن يلفها ولا حرج عليه، ولكن هل هذا على سبيل الإباحة؟ نعم، الجواب إن كان انحلالها يشغله فلفها حينئذ مشروع؛ لأن في ذلك إزالة لما يشغله، وإن كان لا يشغله فالأمر مباح وليس بمشروط.

ودليل ذلك حديث وائل بن حجر أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى فرفع يديه عند تكبيرة الإحرام، ثم التحف بثوبه، يعني جعله لحافًا، لفه عليه، ووضع يده اليمنى على اليسرى، فلما أراد أن يركع أخرج يديه ورفعهما ثم ركع (٢٥)، وهذا الحديث في مسلم.

وفيه دليل على أنه لا بأس للمصلي إذا كان عليه مشلح مثلًا وأراد أن يكف بعضه على بعض، فإن هذا لا بأس به، ولا يدخل في قوله: «لَا أَكُفُّ شَعْرًا وَلَا ثَوْبًا» (٢٦)؛ لأن كل شيء بحسبه، ومن هنا يتبين أن وضع الغترة في حال الصلاة هكذا لا بأس به، لماذا؟ لأنه من اللبس المعتاد، ما كففتها كفًّا أخرجها عما يعتاده الناس فيها، وكذلك لو جعله هكذا، فإنه لا بأس به أيضًا؛ لأن هذا من اللباس المعتاد، وكذلك لو قال هكذا فإنه لا بأس به؛ لأن كل هذه من الألبسة المعتادة فلا تعد كفًّا خارجًا عن العادة. ولهذا التحف النبي صلى الله عليه وسلم بردائه بثوبه، والالتحاف كف بعضه على بعض.

<<  <  ج: ص:  >  >>