والجواب عن ذلك سهل: لأن النبي صلى الله عليه وسلم حين تكلم لم يكن يعلم أنه في صلاة، بل كان يظن أن الصلاة تمت؛ ولهذا قال:«لَمْ أَنْسَ وَلَمْ تُقْصَرْ»، ولما قالوا: صدق ذو اليدين (١١)، أو قالوا: نعم، لم يتكلم بعد، تقدم فصلَّى ما ترك.
وفرق بين شخص يعلم أنه في صلاة، ولكن يتكلم لمصلحة الصلاة، وشخص لم يتيقن أنه في صلاة، بل كان ظنه أنه ليس في صلاة، قد تمت صلاته، وحينئذٍ فلا يتم الاستدلال بهذا الحديث.
ولكن يبقى النظر؛ لو قال قائل: إذا لم نقل بأنه يُنبِّهه بالكلام فسيكون ألعوبة، يقول: سبحان الله! فيجلس، سبحان الله! فيقوم، سبحان الله! فيجلس، سبحان الله! فيقوم، ويش نعمل؟ لا بد من كلام.
ربما نقول في هذه الحال: إذا دعت الضرورة ربما نقول: يتكلم ويستأنف الصلاة، من يستأنف؟ المتكلم، نقول: تكلم الآن لمصلحة الصلاة؛ لأنك إذا تكلمت الآن أصلحت صلاة الجماعة كلها، أليس كذلك؟ وفسدت صلاتك وأنت تستأنف، ويكون هذا الكلام من أجل مصلحة الجميع، ومصلحة الجميع مقدمة على مصلحة الفرد، حتى لو بقيت أنت مع الإمام سوف تبطل صلاتك، أو يؤدي الأمر إلى أن تفارق إمامك.
قال:(وإذا نابَه شيء سبَّح رجل)، هل يمكن أن ينبه بغير ذلك؟ نعم، يجوز أن يُنبِّه بالنحنحة؛ لأن علي بن أبي طالب كان له مدخلان من رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ يعني: زمانان للدخول؛ أحدهما في الليل والثاني في النهار، فإذا دخل عليه وهو يصلي تنحنح له، فإذن هذا طريق آخر للتنبيه، أن ينبه المستأذِن، بماذا؟
طلبة: بالنحنحة.
الشيخ: بالنحنحة، وهل هناك طريق ثالث؟ يمكن؛ وذلك بالجهر بالقراءة، والجهر بالقراءة جائز، فإذا استأذن عليك أو ناداك وأنت تصلي؛ ورفعت صوتك بما تقول فهذا فيه تنبيه، فهذا فيه تنبيه، لكن أفضل شيء هو التسبيح؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر به.