للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المرأة والحمار؛ لا تبطل الصلاة، ونحن الآن نتكلم أولًا على الدليل على أن الكلب الأسود يبطل الصلاة، الدليل على ذلك ثلاثة أحاديث:

حديث أبي هريرة (١)، وحديث عبد الله بن مغفل (٢)، وحديث أبي ذر، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يَقْطَعُ صَلَاةَ الرَّجُلِ الْمُسْلِمِ إِذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَ يَدَيْهِ مِثْلُ مُؤْخِرَةِ الرَّحْلِ» وفي بعض هذه الأحاديث الإطلاق: «صَلَاة الرَّجُلِ الْمُسْلِمِ» مطلقًا «الْمَرْأَةُ وَالْحِمَارُ، وَالْكَلْبُ الْأَسْوَدُ»، وهذا ثابت في صحيح مسلم (٣)، وفي مسند الإمام أحمد (٤).

وقوله: «يَقْطَعُ» واضح أنه يبطل؛ لأن قطع الشيء فصْل بعضه عن بعض، تقول: قَطَعْتُ السلك: فصَلْت بعضه عن بعض، فإذا مرَّ أحد قطع الصلاة، ما عاد يمكن أن ينبني آخرها على أولها، فهذا هو الدليل، وهذا الدليل -كما سمعتم- يقتضي أن الذي يقطع الصلاة كم؟

الطلبة: ثلاثة.

الشيخ: ثلاثة، ليس الكلب الأسود البهيم فقط، لكنهم قالوا: إن هذا مخصص بأدلة تخرج الحمار، وتُخرِج المرأة، أما الحمار فخصصوه بحديث ابن عباس حين جاء والنبي صلى الله عليه وسلم يصلي في الناس بمنى، فمر بين يدي بعض الصف وهو راكب على حمار أتان، وأرسل الحمار ترتع، ولم ينكر عليه أحد. (٥)

قالوا: فهذا ناسخ لحديث أبي ذر، وعبد الله بن مغفل، وأبي هريرة؛ لأنه في آخر حياة النبي صلى الله عليه وسلم، انتبهوا يا جماعة، وهل شروط التخصيص هنا تامة؟

يعني هنجيب عن هذا الحديث، نقول: شروط النسخ هنا غير تامة، بل ولا شروط التخصيص، أما النسخ فإن الرسول -عليه الصلاة والسلام- لم يكن هذا الفعل في آخر لحظة من حياته؛ إذ من الجائز أن يكون حديث أبي هريرة، وعبد الله بن مغفل، وأبي ذر بعد حجَّة الوداع، ومن شروط النسخ أن نعلم تأخُّر الناسخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>