ونقول: إن المؤلف -رحمه الله- سبق في صفة الصلاة أنه يقول:(رب اغفر لي)، وعليه فيُحمل كلامه هنا على كلامه هناك، ويكون المعنى: سؤال المغفرة بلفظ: (رب اغفر لي)، فلو قال: اللهم اغفر لي، فإنه لا يجزئه، وهذا بناءً على أننا أحلنا هذا الكلام على ما سبق.
لكن يمكن أن يقال: إنه لا يلزم أن نُحيل هذا الكلام على ما سبق، ويكون المراد بذلك سؤال المغفرة بأي صيغة، فلو قال: اللهم اغفر لي لأجزأ، وهذا هو الصحيح خلافًا للمذهب الذي يقول فيه الأصحاب: إنه لا بد أن يقول: (رب اغفر لي)، فلو قال: اللهم اغفر لي يا كريم؛ ما أجزأ، لا بد أن يقول:(رب اغفر لي).
وقول المؤلف:(مرة مرة)، يعني: مرة في كل جلسة؛ مرة في الجلسة الأولى، ومرة في الجلسة الثانية، وهكذا، لكن يقول:(ويسن ثلاثًا).
الدليل على أنه يسن ثلاثًا: حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه حين ذكر أنه صلَّى مع النبي صلى الله عليه وسلم، فلما جلس بين السجدتين جعل يقول:«رَبِّ اغْفِرْ لِي، رَبِّ اغْفِرْ لِي، رَبِّ اغْفِرْ لِي»(٢٢)، وكان دعاء النبي صلى الله عليه وسلم غالبًا التكرار ثلاثًا.
قال:(ويسن ثلاثًا، والتشهد الأول)(وجِلسته) أو (جَلسته)؟
طالب: جَلسته.
الشيخ: بالفتح أو بالكسر؟
طالب: بالفتح.
الشيخ: بالفتح، يتعين.
(التشهد الأول) هو: (التحيات لله، والصلوات والطيبات، والسلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله).
والدليل على وجوبه: حديث عبد الله بن مسعود: كنا نقول قبل أن يُفرض علينا التشهد (٢٣).
فإن قال قائل: لقد استدللتم بهذا الحديث على ركنية التشهد الأخير، فما بالكم هنا تستدلون به على أن التشهد الأول واجب لا ركن؟
فالجواب عنه أن نقول: إن الرسول صلى الله عليه وسلم لما نسي التشهد الأول لم يَعُد إليه، وجبره بسجود السهو، ولو كان ركنًا لم ينجبر بسجود السهو.