للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويحتمل أن نقول: إنه يُرجَع في ذلك إلى ما تقتضيه الحال؛ فإذا اقتضت الحالُ أن يستاكَ طولًا استاك طولًا، وإن اقتضت أن يستاكَ عرضًا استاك عرضًا، ما دام المسألة ما فيها سُنَّةٌ بيِّنَةٌ.

(يَسْتاكُ عَرْضًا مبتدِئًا بجانب فَمِه الأيمن) الجانب الأيمن هذا ولَّا ذا؟

اللِّي إلى الأذن اليُمْنى، ودليله أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يُعْجبُه التيامُنُ في تَنَعُّلِه، وتَرَجُّلِه، وطُهورِه، وفي شأنه كلِّه (١٧).

وبماذا يستاك؟ هل هو باليد اليُمنى أو باليد اليُسرى؟

اختلف أهل العلم في ذلك:

فقال بعضهم: يستاك باليد اليُمنى؛ لأن السِّواك سُنَّةٌ، والسُّنَّةُ طاعةٌ لله عز وجل وقُربةٌ إليه، فلا تناسبُ أن تكون باليُسرى؛ لأنَّ اليسرى تُقدَّم للأذى، كما تقدَّم أن القاعدة: أن اليُسرى تقدَّم للأذى، واليُمنى لما سواه.

وإذا كان السواك عبادةً فالأفضل أن يكون باليمين.

وقال آخرون: بل باليسار أفضل، وهو المشهور من مذهب الإمام أحمد، وعلَّلوا ذلك: بأن السواك لإزالة الأذى، وإزالة الأذى تكون باليُسرى كالاستنجاء والاستجمار، فإنه يكون باليُسرى ولا يكون باليُمنى.

ولكننا نقول: صدقتم، إن السواك إزالةٌ للأذى؛ «مَطْهَرَةٌ للفَمِ»، لكنْ في نفس الوقت هو «مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ» فهو طاعة.

وفصَّلَ آخرون في هذا فقالوا: إنْ تسوَّك لتطهير الفَمِ -كما لو كان بعد الأكلِ مثلًا أو بعد النومِ- إِنْ تسوَّك لتطهير الفَمِ فيكون؟

الطلبة: باليسرى.

الشيخ: باليسار؛ لأنه لإزالة الأذى.

وإنْ تسوَّك لتحصيل السُّنَّة فيكون؟

الطلبة: باليمين.

الشيخ: باليمين؛ لأنه مجرَّد قُربة؛ كما لو كان قد توضَّأ قريبًا واستاكَ عند الوضوء ثم حضر إلى الصلاة، فإنَّه يستاك هنا؟

الطلبة: باليمين.

الشيخ: لتحصيل السُّنَّة، فيكون باليمين، وإلى هذا ذهب بعضُ علماء المالكية ففصَّلوا فيه هذا التفصيل.

<<  <  ج: ص:  >  >>