والقول الثاني: أنها سُنَّة وليستْ بواجبةٍ؛ لأن الحديث فيها لا يَقْوى على إيجابها على المسلمين وعدم صحة وضوئهم، ولأن كثيرًا من الذين وصفوا وُضوء النبيِّ عليه الصلاة والسلام لم يذكروا فيه التسمية، وهى أحاديثُ كثيرةٌ، ومِثْل هذا لو كان من الأمور الواجبة التي لا يصحُّ الوُضوء بدونها لكانتْ تُذْكر.
طلبة: إذا كان في الحمَّام؟
الشيخ: إذا كان في الحمَّام فقد ذكر الإمامُ أحمد أن الرجُل إذا عطسَ حَمِدَ اللهَ بقلبه، فيُخَرَّج من هذه الروايةِ أنه يُسمِّي بقلبه.
قال المؤلف: (تجبُ التسمية في الوُضوء مع الذِّكْر).
أفادنا بقوله: (مع الذِّكْر) أنها تسقط؟
الطلبة: بالنِّسيان.
الشيخ: بالنِّسيان، فإن نسيها في أوَّله وذكرها في أثنائه فماذا يصنع؛ يُسمِّي ويستمرُّ، ولَّا يبتدئ؟
اختلف في هذه المسألة المنتهَى والإقناعُ -وهما كتابان من كُتُب فقه الحنابلة- فقال صاحبُ المنتهى: يبتدئ. وقال صاحبُ الإقناع: يواصل، يستمرُّ.
أمَّا حُجَّة صاحب المنتهى فيقول: لأن هذا الرجُل ذَكَر التسميةَ قبل فراغه، فوجب عليه أن يأتي بالوُضُوء على وجهٍ صحيح.
وأمَّا حُجَّة صاحب الإقناع فقال: إنَّها تسقط بالنِّسيان إذا انتهى من جملة الوُضوء، فإذا انتهى من بعضه فإنَّ هذا البعض الذي نَسِي فيه يكون صحيحًا.
أيهما المذهب عند المتأخرين؟
الذي في المنتهى؛ هم يَرَون أن اللي في المنتهى هو المذهب؛ إذا اختلف الإقناع والمنتهى فالمذهب ما في المنتهى.
(تجب التسميةُ في الوُضوء مع الذِّكْر) وهل تجب في الغُسل؟
يقول الفقهاء: نعم، تجب في الغُسل؛ لأن الغُسل إحدى الطَّهارتين، فكانت التسمية فيه واجبةًَ كالوُضوء، ولأنها إذا وجبتْ في الوُضوء وهو أصغرُ -حَدَثٌ أصغر- وأكثرُ مرورًا على المكلَّف فوُجوبُها في الحَدَث الأكبر من باب أَوْلى.
وهل تجب في التيمُّم؟
طلبة: نعم.